وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء وأن لو أراد الله أن يهدي الناس جميعا لنفذ أمره فيمن ضل حتى يكون مهتديا فقلتم بمشيئته شاء لكم تفويض الحسنات إليكم وتفويض السيئات ألقى عنكم سابق علمه في أعمالكم وجعل مشيئته تبعا لمشيئتكم ويحكم فوالله ما أمضى لبني إسرائيل مشيئتهم حين أبوا أن يأخذوا ما آتاهم بقوة حتى نتق الجبل فوقهم كأنه ظلة فهل رأيتموه أمضى مشيئته لمن كان في ضلالته حين أراد هداه حتى صار إلى أن أدخله بالسيف الى الاسلام كرها بموضع علمه بذلك فيه أم هل أمضى لقوم يونس مشيئتهم حين أبوا أن يؤمنوا حتى أظلهم العذاب فآمنوا وقبل منهم ورد على غيرهم الايمان فلم يقبل منهم وقال تعالى فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنةالله التي قد خلت في عباده أي علم الله الذي قد خلا في خلقه وخسر هنالك الكافرون وذلك كان موقعهم عنده أن يهلكوا بغير قبول منهم بل الهدى والضلالة والكفر والايمان والخير والشر بيد الله يهدي من يشاء ويذر من يشاء في طغيانهم يعمهون كذلك قال إبراهيم عليه السلام واجنبني وبني أن نعبد الأصنام وقال عليه السلام ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك أي أن الإيمان والإسلام بيدك وأن عبادة من عبد الأصنام بيدك فأنكرتم ذلك وجعلتموه ملكا بأيديكم دون مشيئة الله D وقلتم في القتل إنه بغير أجل وقد سماه الله لكم في كتابه فقال ليحيى وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا فلم يمت يحيى إلا بالقتل وهو موت كما مات من قتل منهم شهيدا أو قتل عمدا أو قتل خطأ كمن مات بمرض أو فجأة كل ذلك موت بأجل توفاه ورزق استكمله وأثر بلغه ومضجع برز إليه وما كان لنفس أن تمون إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ولا تموت نفس ولها في الدنيا عمر ساعة إلا بلغته ولا موضع قدم إلا وطأته ولا مثقال حبة من رزق إلا استكملته ولا مضجع بحيث كان إلا برزت إليه يصدق ذلك قول الله D قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون