نفسك ليس أحد أهلا أن تردفه على ظهرك 1 ذهبت اللذة وبقيت التبعة ما أشقى من سعد بكسبه غيره احذر فقد أتيت وتخلص فقد أدهيت إنك تعامل من لا يجهل والذي يحفظ عليك لا يغفل تجهز فقد دنا منك سفر وداو دينك فقد دخله سقم شديد ولا تحسبن أني أردت توبيخك أو تعييرك 2 وتعنيفك ولكني أردت أن تنعش 3 مغ تنقش ما فات من رأيك وترد عليك ما عزب عنك من حلمك وذكرت قوله تعالى وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين أغفلت ذكر من مضى من أسنانك 4 وأقرانك وبقيت بعدهم كقرن أعضب فانظر هل ابتلوا بمثل ما ابتليت به أو دخلوا في مثل ما دخلت فيه وهل تراه ادخر لك خيرا منعوه أو علمك شيئا جهلوه بل جهلت ما ابتليت به من حالك في صدور العامة وكلفهم بك أن صاروا يقتدون برأيك ويعملون بأمرك إن أحللت أحلوا وإن حرمت حرموا وليس ذلك عندك ولكنهم إكبابهم عليك ورغبتهم فيما في يديك ذهاب عملهم وغلبة الجهل عليك وعليهم وطلب حب الرياسة وطلب الدنيا منك ومنهم أما ترى ما أنت فيه من الجهل والغرة وما الناس فيه من ابلاء والفتنة ابتليتهم بالشغل عن مكاسبهم وفتنتهم بما رأوا من أثر العلم عليك وتاقت أنفسهم إلى أن يدركوا بالعلم ما أدركت ويبلغوا منه مثل الذي بلغت فوقعوا بك في بحر لا يدرك قعره وفي بلاء لا يقدر قدره فالله لنا ولك ولهم المستعان واعلم أن الجاه جاهان جاه يجريه الله تعالى على يدى أوليائه لأوليائه الخامل ذكرهم الخافية شخوصهم ولقد جاء نعتهم على لسان رسول الله A إن الله يحب الأخفياء الأتقياء الأبرياء الذين إذا غابوا لم يفتقدوا وإذا شهدوا لم يعرفوا قلوبهم مصابيح الهدى يخرجون من كل فتنة سوداء