[ 12 ] من العوام، أو بتدخل بعض المتعصبين من علماء السوء أو المغفلين، وحتى بفعل الحكام المنتهزين للفرص. فكان على علماء المذهب أن يعلنوا عن مواقفهم الصريحة والمحددة تجاه المسائل المعروضة على الساحة، ويدافعوا بكل ما اوتوا من قوة، كي يتموا الحجة على من لا يعرف، ويدحروا اتهامات المغرضين، فكان أن انبرى أعلام الطائفة ببياناتهم وتأليفاتهم، بعرض تفاصيل العقائد الحقة، وبصورتها المتكاملة والمتطورة، في هذا القرن. والذي تزعم هذه الحركة الخطيرة ومع اتم الصلاحية وكل العزم وأشد القوة، هو الشيخ الامام أبو عبد الله المفيد محمد بن محمد بن النعمان، البغدادي، العكبري (ت 413) لقد تمكن هذا الشيخ العظيم من تحديد ما يجب اعتقاده للشيعة الامامية، مميزا لعقائدهم الحقة من بين مقالات الفرق الشيعية الاخرى. أما الفرق غير الشيعية، فإن له معها مواقف حاسمة في مجالسه، ومناظراته، وبحوثه، وكتبه، حول المواضيع المطروحة على الساحة يومئذ، وهي معروفة من خلال قائمة مؤلفاته وعناوين مناظراته. والحق أن الشيخ المفيد، قد استفاد من الاوضاع التي عاصرها، والتى كانت ملائمة إلى حد ما، في المجالات السياسية والاجتماعية والعلمية، فائدة كبيرة وفخمة، وبجودة ودقة فائقة حتى اعتبر - بحق - مرسي قواعد المذهب، ومشيد صرح الدين ورافع أعلام الحق، ومناصر المؤمنين، فله على كل الطائفة " منة " مدى القرون. ________________________________________