[ 28 ] وإذا حرم على الانسان أن يؤدي فريضة قد دخل وقتها ليقضي فرضا قد فاته، كان حظر النوافل عليه قبل قضاء ما فاته من الفرض أولى. هذا مع الرواية عن النبي عليه السلام أنه قال: " لا صلاة لمن عليه صلاة " (1) يريد أنه لا نافلة لمن عليه فريضة. فصل ولسنا ننكر بأن يغلب النوم الانبياء عليهم السلام في أوقات الصلوات حتى تخرج، فيقضوها بعد ذلك، وليس عليهم في ذلك عيب ولا نقص، لانه ليس ينفك بشر من غلبة النوم، ولان النائم لا عيب عليه وليس كذلك السهو، لانه نقص عن الكمال في الانسان، وهو عيب يختص به من اعتراه. وقد يكون من فعل الساهي تارة، كما يكون من فعل غيره، والنوم لا يكون إلا من فعل الله تعالى، وليس من مقدور العباد على حال، ولو كان من مقدورهم لم يتعلق به نقص وعيب لصاحبه لعمومه جميع البشر، وليس كذلك السهو، لانه يمكن التحرز منه. ولانا وجدنا الحكماء يجتنبون أن يودعوا أموالهم واسرارهم ذوى السهو والنسيان، ولا يمتنعون من إيداع ذلك من يغلبه النوم أحيانا، كما لا يمتنعون من إيداعه من يعتريه الامراض والاسقام. ووجدنا الفقهاء يطرحون ما يرويه ذو والسهو من الحديث، إلا أن يشركهم فيه غيرهم من ذوي التيقظ، والفطنة، والذكاء، والحصافة. فعلم فرق ما بين السهو والنوم بما ذكرناه. ________________________________________ (1) نصب الراية 2: 166. ________________________________________