[ 6 ] وهذا نظير قوله تعالى " إنما أنت منذر من يخشاها " مع أن النبي منذر كل الناس من يخشاها ومن لا يخشاها، ولكن بما أن من يخشاها أحق بالانذار لمكان استفادته منه، استحق ذكره لهذه الاولوية. ثم ذكر نظائر اخر لهذه الاية، وأمثله عرفية تجرى عليها. الثالث: إن للخبر وجها آخر في التفسير: وهو ان المراد أن ما تركناه صدقة لا يصبح لا ولادنا، ولا يأكله أولادنا مطلقا بأي عنوان، حتى لو صاروا فقراء وصدق عليهم عنوان المستحقين للصدقات. فيكون هذا الحكم خاصا بالانبياء وأولادهم، بخلاف غير الانبياء فإنهم لو تركوا الصدقات فهي - وان كانت لا تدخل في الارث - إلا أن أولادهم لو اصبحوا فقراء أو صدق عليهم عنوان المستحق أكلوا من الصدقات بذلك العنوان. فمعنى (لا نورث) في الخبر، اي: لا يصير إلى ورثتنا على كل حال، و اطلاق كلمة (الارث) ومشتقاتها بهذا المعني أمر متعارف في اللغة، وإن لم يكن من مخلفات الميت، كما قال الله تعالى " وأورثكم أرضهم وديارهم " أي اوصلها اليكم، فان ذلك لم يكن بالتوارث الشرعي. الرابع: أن للخبر لفظا آخر، لم يرد فيه احتمال النصب، وهو: " نحن معاشر الانبياء لا نورث ما تركناه، فهو صدقة " وقد جعل بعض العامة هذا اللفظ دليلا على صحة الرفع في اللفظ السابق، وبطلان التأويل المبتنى على النصب. لكن الشيخ المفيد رده بأن الخبر على هذا اللفظ وإن كان لا يحتمل النصب، بل بالرفع فقط، إلا أن له معنى محتملا لا يوافق تأويل العامة، وهو: أن الذي تركناه من أموالنا وحقوقنا على الاخرين، التي أسقطناها عن ذممهم و ________________________________________