[8] بين آرائهم، بيد أنه أورد استطرادا للباب أبحاثا علمية قد تخرجه عن موضوع - الكتاب، بل من مباحث أصول الفقه والاجتهاد ومسائل علم الكلام، التي كانت لها صلة ما بالمقام، وأطال البحث والتنقيب لدى الاختلاف وما كان فيه خلاف، ومن أجل تلك الأمور صار الكتاب كبيرا ضخما يضيق عنه مجال زمان التعلم والتعليم، لاسيما في المجامع الرسمية التي يكون الوقت فيها مضبوطا معلوما دون أي تأخير ولا تقديم، والمؤلف - رضوان الله تعالى عليه - وإن كان مصيبا متقنا لما ألف وأجاد، مثابا مأجورا فيما صنف وأفاد، لأن لكل أمر غاية، ولنشاط الأستاذ ووقت التلميذ نهاية، وما فضل عن الاحتمال، دعا إلى الاستثقال والملال، بل إلى العجز والكلال. والكتاب مع كثرة فوائده، ومزيد فرائده، ووفرة عوائده، وشدة مسيس الحاجة إليه، وفقدان ما يسد مسده، يقصر عنه - مع الأسف - الأمد المفروض للتدريس، فلابد للمدرس له من التلخيص، والاقتصار في دراسته على اللب والنفيس، واختيار ما ليس عنه محيص، ورأيت أن ذلك الأمر على من له إلمام بتلك الدروس لواجب، إذ لم يكن يعوقه حاجب، فلما سألني بعض الأجلة في " الجامعة الصادقية " تقديم كتاب وجيز مختصر لهذا الغرض، على ذلك النظم، صرفت صوب العمل عنان العزم، وليس لي من هذا الأمر إلا حسن الاختيار، ومع سرعة العمل جودة الاختصار، وتوضيح مالا بد له من البيان بالاقتصار. ثم رأيت الصلاح في إعجامه، تيسيرا لمعتنقيه وتسهيلا لمقتطفي ثمار - محاسنه ولا سيما الناشئين الكرام، فإن الشكل يرفع الإشكال، والإعجام يمنع - الاستعجام ويزيل الإبهام ويضع الكتاب للباحث المجد طرف الثمام، والله تعالى ولينا ومعيننا في البدء والختام. وألحقت به رسالتين: الأولى في تاريخ تدوين الحديث وكتابته، والاخرى في فقهه ودرايته، ووازرني في امور طبعه وتصحيحه غير واحد من الفضلاء، جعلهم الله من الأعلام والنقباء، والسلام على محمد وآله الأصفياء النجباء. على اكبر الغفاري ________________________________________