[117] يقول لأحد ولاته: " انظر في أمور عمالك فاستعملهم اختبارا، ولا تولهم محاباة وأثرة فإنهم جماع من شعب الجور والخيانة، وتوخ منهم أهل التجربة والحياء من أهل البيوتات الصالحة والقدم في الإسلام، فإنهم أكثر أخلاقا وأصح أعراضا، وأقل في المطامع إسرافا، وأبلغ في عواقب الأمور نظرا، ثم اسبغ عليهم الأرزاق، فإن ذلك قوة لهم على استصلاح أنفسهم، وغنى لهم عن تناول ما تحت أيديهم، وحجة عليهم إن خالفوا أمرك أو ثلموا أمانتك، ثم تفقد أعمالهم، وابعث العيون من أهل الصدق عليهم، فإن تعاهدك في السر لأمورهم حدوه لهم على استعمال الأمانة والرفق بالرعية ". وقد أوصى بعدم كشف معايب الناس بل القيام بإصلاحها وسترها حيث بلغ بوصيته قوله: " وليكن أبعد رعيتك منك وأشقاهم عندك أطلبهم لمعايب الناس، فإن في الناس عيوبا، الوالي أحق من سترها فلا تكشفن عما غاب عنك منها فإنما عليك تطهير ما ظهر منها ". ترى كيف يحرص على أدق المعاني التي جاء بها الإسلام، ويربي ولاته وعماله عليها ويقيم لهم أدق النصائح والآراء الحكيمة، ويقودهم إلى النهج القويم من الابتعاد عن مواضع الضعف والخيانة، ومصادر الشرور والفجور، فيقول: " ولا تدخلن في مشورتك بخيلا يعدل بك عن الفضل، ويعدك الفقر. ولا جبانا يضعفك عن الأمور، ولا حريصا يزن لك الشره بالجور، فإن البخل والجبن والحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله ". ونراه يوصى بالابتعاد عن الأشرار والآثمين والظلمة وعدم الاستعانة بهم ________________________________________