[403] الباطن، ومن ثم كان اجتهاد " عبد الرحمن " و " عثمان " نظرا، على حين أصاب " علي في اجتهاده " لما خرج من ورطة إقامة الحجة على نفسه فيما هو مغيب من الامور عنه. واجتهدت " عائشة " فأيدت " عثمان " ثم خرجت عليه فكان في اجتهادها نظر، بينما اطمأن " علي " إلى مبدئه بعد أن أقام الحجة على منافسه، فلم يخرج على " عثمان " خروج " عائشة " عليه. واجتهد " علي " بعد مقتل عثمان، فلم يقبل من طلحة والزبير المبايعة له إلا أمام الناس وباجماع المسلمين في المسجد. فقام وخطب الناس: " إني قد كنت كارها لامركم فابيتم إلا أن أكون عليكم. ألا وإنه ليس لي أمر دونكم، ألا إن مفاتيح مالكم معي. ألا وإنه ليس لي أن آخذ من درهم دونكم،.. ثم قال: أرضيتم ؟ قالوا: نعم. قال: اللهم اشهد عليهم. ثم قبل بيعتهم على ذلك " (18). وهكذا أقام " علي " الحجة عليهم، وأصاب فيما اجتهد فيه حين برأ منهم الذمة وأصبح مطلوبا لهذا الامر لا طالبا له. فكل من خالفه بعد هذه الخطبة ناكث، وكل من حافظ على بيعته له مؤمن صادق الايمان. وذلك اجتهاد لا يعادله اجتهاد صدقا وإخلاصا ونزاهة عما في بيت المال، وعما في أيدي المسلمين. ثم اجتهدت " عائشة " مرة ثانية حين طالبت بدم عثمان وخرجت في صحبة طلحة والزبير اللذين نكثا العهد، ونقضا البيعة لعلي، فأخطأت الاجتهاد حتى قيل أنها ما خرجت للمطالبة، بدم عثمان إلا لتفرقة الجماعة الاسلامية حول علي، ولو كانت البيعة لغير علي ما خرجت. وأصاب علي حين لم ينكث عهده ونكث هؤلاء عهودهم، وأصاب حين دفع عن نفسه في موقعة الجمل لا باعتباره " عليا " بل باعتباره خليفة المسلمين والذائد عن ________________________________________ (18) ابن جرير الطبري " تاريخ الامم والملوك " 5 / 153 152. ________________________________________