[29] وكان عقل الصدقة على أهل الصدقة مع الصدقة فردهم، فرجع وفد من يلي المدينة من المرتدة إلى عشائرهم، وأخبروهم بقلة من في المدينة، وأطمعوهم فيها، وجعل أبو بكر - بعد مسير الوفد - على أنقاب المدينة عليا، وطلحة، والزبير، وابن مسعود، وألزم أهل المدينة بحضور المسجد، وقال لهم: إن الارض كافرة، وقد رأى وفدهم منكم قلة، وأدناهم منكم على بريد (1)، وأبينا عليهم ما طلبوا، ولا ندري أيأتونا ليلا أم نهارا، فاستعدوا، فما لبثوا إلا ثلاثا حتى اغاروا على المدينة ليلا، وخلفوا بعضهم بذي حسى ليكونوا لهم ردءا، فوافوا الانقاب وعليها المقاتلة، فمنعوهم وارسلوا إلى أبي بكر بالخبر، فأرسل إليهم أبو بكر أن الزموا مكانكم، وخرج في أهل المسجد على النواضح، فردوا العدو حتى بلغوا ذا حسى، فخرج عليهم الردء بأنحاء قد نفخوها، وجعلوا فيها الحبال، فدهدهوها في وجوه الابل، فنفرت إبل المسلمين، وهم عليها لا يملكونها، ورجعت بهم حتى أدخلتهم المدينة، ولم يصب أحد منهم فقال الخطيل بن أوس: فدى لبني ذبيان رحلي وناقتي * عشية يحدي بالرماح أبو بكر الابيات (2) قال: وظنوا بالمسلمين الوهن، وبعثوا إلى ذي القصة بالخبر، وكان بها من العشائر المرتدة بنو ذبيان، وأسد، فقدموا عليهم، وبات أبو بكر ليلته ________________________________________ (1) البريد: إثنا عشر ميلا من المسافة. (2) الردء، العون. وأنحاء جمع نحي: الزق. والنواضح جمع الناضحة: ناقة يستقى عليها، والانقاب، الطرق في الجبل، وأراد بها هنا الطرق المؤدية إلى المدينة و (ذا حسى) لم أجد ترجمتها. وذو القصة منزل كان على طريق الربذة، ويبعد عن المدينة اثنى عشر ميلا. ________________________________________