[529] ولا يظمأ على التقوى سنخ أصل (3) وأن الخير كله فيمن عرف قدره، وكفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره. إن من أبغض خلق الله إلى الله، لعبد وكله الله إلى نفسه، جائرا عن قصد السبيل، مشغوفا بكلام بدعة (4) قد قمس في أشباهه من الناس عشواء غارا بأغباش الفتنة (5) قد لهج فيها بالصوم والصلاة (6) فهو فتنة على من ________________________________________ (3) وفي المختار: (16) من خطب نهج البلاغة: " لا يهلك على التقوى سنخ أصل، ولا يظمأ عليها زرع قوم ". وفي قوت القلوب: ج 1، ص 290: " لا يهيج على التقوى زرع قوم، ولا يظمأ على الهدى سنخ أصل ". وهاتان الجملتان ذكرهما أيضا ابن الاثير في النهاية. " ولا يهيج " من باب باع -: لا ييبس ولا يفسد. و " لا يظمأ " من باب فرح -: لا يعطش. و " السنخ ": المنبت. و " الاصل ": قاعدة الشي وما قام عليه. وقال ابن الاثير: هما بمعنى واحد، فلما اختلف اللفظان أضاف أحدهما إلى الآخر (4) جائرا: مائلا ومنحرفا. و " قصد السبيل ": استقامته. و " مشغوفا بكلام بدعة ": مولعا به وحريصا عليه، قد علق حب البدعة والكلام فيها بشغاف قلبه. (5) أي قد غاص وانغمس في أشباهه من جهال الناس، وعادمي البصيرة المغترين بخدع الفتن، ولم يعاشر من فوقه من العلماء والربانيين كي يتبين له الرشد من الغي، فيتحلى برداء العلم والعمل، وينجو من موبقات الجهل والخبل، يقال: " قمس " في الماء - من باب ضرب ونصر - قمسا وقموسا ": غاص فيه. وقوله: " عشواء غارا " حالان عن العبد الموصوف بما تقدم، وعشواء مؤنث الاعشى: الناقة التي لا تبصر أمامها. ويقال: هو يخبط خبط عشواء أي يتصرف في الامور على غير بصيرة. و " غارا ": مغرورا. و " الاغباش ": جمع الغبش - كأسباب وسبب -: شدة الظلمة. الخدعة. وأغباش الليل: بقاياه. (6) يقال: " لهج بالشئ - من باب فرح - لهجا ": أولع به. والضمير إما راجع إلى البدعة، أو إلى الفتنة، والاول أوجه معنا. ________________________________________