[8] يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها (6) إحفظ عني ما أقول لك (7)، ألناس ثلاثة: عالم رباني (8) ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع، أتباع كل ناعق (9) ________________________________________ (6) أي أحفظها للعلم، وأجمعها ضبطا للحكم والمعارف، وأشدها وعيا للاسرار، وهذا تمهيد وتوطئة منه (ع) لاقبال كميل بكله إليه، وصرفه عمن عداه، ليتحفظ على ما يلقيه إليه، ويلقنه به، ولا يتفلت منه شئ مما اوصاه وأخبره به، من فرائد الحكم، وجواهر الكلم، والاوعية جمع الوعاء، وهو الظرف وما أعد لان يوضع فيه الشئ. (7) وفى العقد الفريد والنهج: فاحفظ عني ما اقول لك الخ، وهو أظهر. (8) وفى الارشاد والنهج: فعالم رباني، الخ. (9) أقول: الرباني منسوب الى الرب - بزيادة الالف والنون للمبالغة = = في النسبة على خلاف القياس كالرقباني - ولعل وجه نسبته الى الرب انه جمع بين العلم بالله وبما يليق بذاته المقدسة، وبين العمل بما يحب الله ويرضاه وقال الجوهري والفيروز آبادي: الرباني: المتأله العارف بالله تعالى. وقال الطبرسي (ره): الرباني هو الذي يرب أمر الناس بتدبيره واصلاحه. وقال في الكشاف: الرباني هو شديد التمسك بدين الله تعالى وطاعته. والهمج - محركة جمع همجة بالتحريك ايضا -: الحمقى ورذال الناس ورعاعهم، والرعاع - كسحاب -: هم السفلة والانذال والاحداث الطغام من الناس، وهو كالتفسير لقوله (ع): همج. وايضا يقال لضرب من البعوض: الهمج، وكذلك للذباب الصغير الذي يقع على وجوه الغنم والحمير وأعينهما، قيل: ويستعار للاسقاط والجهلة من الناس. والنعيق: صوت الراعي بغنمه، ولصوت الغراب ايضا يقال: النعيق وفى افراد القسمين الاولين، وجمع القسم الثالث ايماء الى قلتهما وكثرة القسم الثالث. ومراده (ع) ان القسم الثالث - وهم السواد الاعظم - لعدم تمييزهم بين الحق والباطل، والصدق والكذب، يتبعون كل داع ويعتقدون بكل مدع، ويصغون الى كل صوت، ولو كان لراعي الانعام والمواشي، المنهمك في غواشي الجهالة والضلالة، والجمل التالية لقوله (ع): اتباع كل ناعق - الى قوله: ولم يلجأوا الى ركن وثيق - صفات توضيحية، وبيان لما يلازم الموصوف في الخارج وعالم الدنيا. ________________________________________