[19] أين بلال ؟ فقال: لبيك وسعديك. فقال: وأين المقداد ؟ فلباه. فقال: وأين سلمان ؟ فلباه، فلما مثلوا بين يديه قال: انطلقوا بأجمعكم إلى جنبات المدينة، واجمعوا المهاجرين والانصار والمسلمين. فانطلقوا لامره (ودعوا المسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأفاضوا إليه (5) فأقبل (رسول الله) حتى جلس على أعلى درجة من منبره، فلما حشد المسجد بأهله (6) قام صلى الله عليه وآله فحمد الله وأثنى عليه وقال: الحمد لله الذي رفع السماء فبناها، وبسط الارض ودحاها، وأثبتها بالجبال فأرساها (7) (وأخرج منها ماءها ومرعاها، الذي تعاظم عن صفاة الواصفين) وتجلل عن تحبير لغات الناطقين (8) وجعل الجنة ثواب المتقين، والنار عقاب الظالمين، وجعلني رحمة للعالمين، ونقمة على الكافرين. عباد الله إنكم في دار أمل، بين حياة وأجل، وصحة وعلل، دار زوال متقلبة الحال (9) جعلت سببا للارتحال، فرحم الله امرأ قصر من أمله وجد في عمله، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوته فقدمه ليوم ________________________________________ (5) بين القوسين زيادة منا للتوضيح. ومعنى أفاضوا إليه: اندفعوا وسارعوا إليه بكثرة. (6) أي غص المسجد وملا بأهله، كأنه من قولهم: " حشد الناقة " من باب نصر وضرب - حشدا ": جمع اللبن في ضرعها بكثرة. أو أنه مجهول من باب التفعيل بمعنى الاجتماع لامر واحد، كما انه يجئ بهذا المعنى مبنيا " للفاعل من باب الافعال والافتعال والتفعل والتفاعل. (7) كأنه مقتبس من قوله تعالى - في الآية (29) وتواليها من سورة النازعات -: " والارض بعد ذلك دحاحا "، أخرج منها ماءها ومرعاها، والجبال أرساها ". والدحو - كفلس -: البسط والاسترسال إلى أسفل. وأرسى الجبال: أوقفها على الارض. أو ضربها فيها كالوتد. وبين القوسين مأخوذة من البحار. (8) تجلل: تعظم وتعالى. وحبر الكلام أو الشعر أو الخط تحبيرا ": حسنه وزينه: أي إن عظمته ونعوت ذاته المقدسة أعظم وأعلى من أن يصلها ويصفها المزينة من لغاة الناطقين، والمحسنة من ألفاظ الواصفين. (9) ويساعد رسم الخط على أن يقرء " منقلبة الحال ". وفي البحار: " دار زوال وتقلب أحوال ". ________________________________________