[371] كرم الله وجهه قال يوم صفين: لو ذكرت هذا الحديث أو بلغني لما حاربته. ولا يبعد نحو هذا ممن سل سيفه على علي والحسن والحسين وذريتهما، والراضي كالفاعل كما صرحت به السنة النبوية، إنما استغربنا وقوع هذا الظهور حكاية الإجماع من جماعة المتسمين بالسنة بأن معاوية هو الباغي، وأن الحق مع علي، وما أدري ما رأي هذا الزاعم في خاتمة أمر علي بعد ما ذكر، وكذلك الحسن السبط رضي الله عنهما، وترى هؤلاء الذين ينقمون على علي قتاله البغاة يحسنون لمن سن لعنه على المنابر في جميع جوامع المسلمين منذ وقته إلى وقت عمر بن عبد العزيز اللاحق بالأربعة الراشدين رضي الله عنه وعنهم، مع أن سب علي فوق المنابر وجعله سنة تصغر عنده العظائم. وفي جامع المسانيد في مسند أم سلمة رضي الله عنها: أيسب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم ؟ قلت: معاذ الله. قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سب عليا فقد سبني. الكلام. ولعلك إن نظرت إلى ما سردناه من سيرة هذا المجتهد الجاهل الضال تأخذ لك مقياسا لمبلغ علمه، وقسطه المتضاءل من الاجتهاد في أحكام الله، وإنه منكفى عنه، فارغ الوطاب، صفر الأكف عن أي علم ناجع، أو عمل نافع، بعيدا عن فهم الكتاب، والتفقه في السنة، والالمام بأدلة الاجتهاد. نعم: لم يكن معاوية هو نسيج وحده في الجهل بمبادئ الاجتهاد وغاياته، وإنما له أضراب ونظراء سبقوه أم لحقوه في الرأي الشائن، والاجتهاد المائن، ممن صحح القوم بدعهم المحدثة، وآرائهم الشاذة عن الكتاب والسنة بالاجتهاد، تترسوا في طاماتهم بأنهم مجتهدون (1) ولعلك تعرف مكانة هذا المجتهد " خليفة الحق وإمام الصدق " من لعن رسول الله صلى الله عليه وآله إياه وأباه وأخاه. ومن قنوت أمير المؤمنين في صلاته بلعنه، ومن دعاء أم المؤمنين عائشة عليه دبر صلاتها. ومن إيعاز الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، وولده السبط الزكي أبي محمد سلام الله عليه، والعبد الصالح محمد بن أبي بكر، إلى لعن رسول الله صلى الله عليه وآله المخزي، ومن لعن ________________________________________ (1) يوجد جمع من أولئك المجتهدين في غضون أجزاء كتابنا هذا. ________________________________________