[361] نجاح وفلاح، فإن ميتة الجاهلية إنما هي شر ميتة، ميتة كفر وإلحاد، لكن هنا دقيقة لا بد من البحث عنها وهي أن الصديقة الطاهرة المطهرة بنص الكتاب الكريم التي يغضب الله ورسوله لغضبها ويرضيان لرضاها، ويؤذيهما ما يؤذيها قضت نحبها و ليس في عنقها بيعة لمن زعموا أنه خليفة الوقت، ومثلها بعلها طيلة ستة أشهر أيام حياة حليلتها كما جاء في الصحيحين وفيهما: كان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة، فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس. (1) قال القرطبي في المفهم. كان الناس يحترمون عليا في حياتها كرامة لها لأنها بضعة من رسول الله وهو مباشر لها، فلما ماتت وهو لم يبايع أبا بكر انصرف الناس عن ذلك الاحترام ليدخل فيما دخل فيه الناس ولا يفرق جماعتهم. ا ه‍. فالحقيقة هاهنا مرددة بين أن الصديقة سلام الله عليها عزبت عنها ضرورية من ضروريات دين أبيها وهي أولاها وأعظمها وقد حفظته الأمة جمعاء حضريها وبدويها وماتت - العياذ بالله - على غير سنة أبيها، وبين أن لا يكون للحديث مقيل من الصحة وقد رواه الحفظة الاثبات من الفريقين وتلقته الأمة بالقبول، وبين إنها سلام الله عليها لم تك تعترف للمتقمص بالخلافة، ولا توافقه على ما يدعيه، ولم تكن تراه أهلا لذلك، وكذلك الحال في مولانا أمير المؤمنين عليه السلام. فهل يسع لمسلم أن يختار الشق الأول ويرتأي لبضعة النبوة ولزوجها نفس النبي الأمين ووصيه على التعيين ما يأباه العقل والمنطق ويبرأ منه الله ورسوله ؟ لا، ليس لأحد أن يقول ذلك. وأما الشق الثاني، فلا أظن جاهلا يسف إلى مثله بعد استكمال شرايط الصحة والقبول وإصفاق أئمة الحديث ومهرة الكلام على الخضوع لمفاده، وإطباق الأمم الإسلامية على مؤداه. فلم يبق إلا الشق الثالث، فخلافة لم تعترف لها الصديقة الطاهرة وماتت وهي واجدة عليها وعلى صاحبها، ويجوز مولانا أمير المؤمنين التأخر عنها ولو آناما، ولم ________________________________________ (1) صحيح البخاري كتاب المغازي ج 6: 197، صحيح مسلم كتاب الجهاد ج 5: 154. ________________________________________