[329] وكتب إلى طلحة: أما بعد: فإنك أقل قريش في قريش وترا، مع صباحة وجهك، وسماحة كفك، وفصاحة لسانك، فأنت بإزاء من تقدمك في السابقة، وخامس المبشرين بالجنة، و لك يوم أحد وشرفه وفضله، فسارع - رحمك الله - إلى ما تقلدك الرعية من أمرها، مما لا يسعك التخلف عنه، ولا يرضى الله منك إلا بالقيام به، فقد أحكمت لك الأمر قبلي، والزبير فغير متقدم عليك بفضل، وأيكما قدم صاحبه فالمقدم الإمام، والأمر من بعده للمقدم له، سلك الله بك قصد المهتدين، ووهب لك رشد الموفقين، والسلام. قال الأميني: لمسائل هاهنا أن يحفي لمعاوية السؤال عن أن ما تبجح به للزبير و طلحة من الفضائل التي استحقا بها الخلافة هل كان علي عليه السلام خلوا منها ؟ يذكر لهما البشارة بالجنة، وأن زبيرا أحد أولئك المبشرين، وأن طلحة خامسهم، فهلا كان علي عليه السلام عاشرهم ؟ فلماذا سلخها عنه، وحثهما بالمبادرة إليها حتى لا يسبقهما إليها ابن أبي طالب ؟ ! ؟ ! وإن كان تلكم البشارة - المزعومة - بمجردها كافية في إثبات الجدارة للخلافة ؟ فلماذا أخرج عنها سعد بن أبي وقاص ؟ وهو أحد القوم المبشرين وكان يومئذ حيا يرزق، و لعل طمعه فيهما كان آكد، فحلب حلبا له شطره. والأعجب قوله لطلحة: فأنت بإزاء من تقدمك في السابقة. فهلا كان أمير المؤمنين أول السابقين وأولاهم بالمئاثر كلها ؟ وهلا ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله قوله: السباق ثلاثة: السابق إلى موسى يوشع. وصاحب ياسين إلى عيسى. والسابق إلى محمد علي بن أبي طالب ؟ (1). وهلا صح عند أمة محمد صلى الله عليه وآله أن عليا أول من آمن بالله، وصدق نبيه صلى الله عليه وآله وصلى معه، وجاهد في سبيله ؟ وإن كان لطلحة يوم أحد وشرفه وفضله فلعلي عليه السلام مغازي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كلها من بدر واحد وخيبر والأحزاب وحنين ويوم حمراء الأسد (2) هب أن معاوية كان في أذنه وقر من شركه لم يسمع نداء جبريل ورضوان يوم ناديا: ________________________________________ (1) راجع الجزء الثاني: 306 ط ثاني. (2) راجع ما مر في الجزء السابع ص 202 - 206. ________________________________________