[30] ثلاثمائة آية كما يقوله حبر الأمة عبد الله بن العباس (1) أو أنه كان يمر بها على حين غفلة من مفادها ؟ أو يمر بها وقد بلغ منه اللغوب من كثرة التلاوة فلا يلتفت إليها ؟ أو أنه كان يرتلها ملتفتا إلى مغازيها ؟ ولكن.... أنا لا أدري بماذا يعلل قوارص الخليفة عليا عليه السلام ابنا حجر وكثير وأمثالهما المعللون أقوال الخليفة وأفعاله في مثل أبي ذر وابن مسعود ومالك الأشتر، بأن مصلحة بقائهم في الأوساط الإسلامية مع الحرية في المقال لا تكافئ المفسدة المترتبة عليه من سقوط أبهة الخلافة. على أنه ما كان عند القوم إلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهل يجرهم الحب المعمي والمصم إلى أن يقولوا بمثل ذلك في حق عظيم الدنيا والدين مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ؟ فهل كانت مفسدة هنا لك مترتبة على مقام الإمام في المدينة حتى يكون نفيه عنها أولى ؟ وهل هو إلا الصلاح كله ؟ وهل المصالح النوعية والفردية يستقى من غيره ؟ ولعمر الحق إن أبهة تسقط لمكان أمير المؤمنين عليه السلام وفضله ونزاهته وعلمه وإصلاحه لحرية بالسقوط، وأيم الله لو وسع أولئك المدافعون عن تلكم العظائم لدنسوا ساحة قدس الإمام بالفرية الشائنة، واتهموه بمثل ما اتهموا به غيره من صلحاء الأمة وأعلام الصحابة والخيرة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، ولكن.... ولو كان خليفة يعير لنصائح الإمام عليه السلام أذنا واعية لصانه عن المهالك، ولم تزل الأبهة مصونة له، والعز والنجاح ذخرا له ولأهل الاسلام، وكان خيرا له من ركوبه النهابير التي جرعته الغصص وأودت به وجرت الويلات على الأمة حتى اليوم، ولكنه.... لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون، إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا. - 43 - تسيير الخليفة صلحاء الكوفة إلى الشام روى البلاذري عن عباس بن هشام بن أبيه عن أبي مخنف في إسناده قال: لما ________________________________________ (1) راجع ما مر في الجزء الأول ص 334 ط 2. ________________________________________