[11] ما في كتاب الله سورة ولا آية إلا وأنا أعلم فيم أنزلت ومتى نزلت. قال أبو وائل: فما سمعت أحدا أنكر ذلك عليه. أخرجه الشيخان والنسائي كما في تيسير الوصول 3: 279، وأبو عمر في الاستيعاب 1: 372، وذكره اليافعي في مرآته 1: 87. هذا ابن مسعود وهذا علمه وهديه وسمته وصلاحه وزلفته إلى نبي العظمة صلى الله عليه وآله، أضف إلى ذلك كله سابقته في الاسلام وهو سادس ستة، وهجرته إلى الحبشة ثم إلى المدينة، وشهوده بدرا ومشاهد النبي صلى الله عليه وآله كلها، وهو أحد العشرة المبشرة بالجنة كما في رواية أبي عمر في الاستيعاب، ولعلك لا تشك بعد سيرك الحثيث في غضون السيرة والتاريخ في أنه لم يكن له دؤب إلا على نشر علم القرآن وسنة الرسول وتعليم الجاهل، وتنبيه الغافل، وتثبيت القلوب، وشد أزر الدين، في كل ذلك هو شبيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هديه و سمته ودله، فلا تجد فيه مغمزا لغامز، ولا محلا للمز لامز، وقد بعثه عمر إلى الكوفة ليعلمهم أمور دينهم، وبعث عمارا أميرا وكتب إليهم: إنهما من النجباء من أصحاب محمد من أهل بدر، فاقتدوا بهما واسمعوا من قولهما، وقد آثرتكم بعبد الله بن مسعود على نفسي (1) وقد سمعت ثناء أهل الكوفة عليه بقولهم: جزيت خيرا، فلقد علمت جاهلنا وثبت عالمنا، وأقرأتنا القرآن، وفقهتنا في الدين، فنعم أخو الاسلام أنت ونعم الخليل. كان ابن مسعود أول من جهر بالقرآن بمكة، اجتمع يوما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قط، فمن رجل يسمعهموه ؟ فقال عبد الله بن مسعود: أنا. قالوا: إنا نخشاهم عليك، إنما نريد رجلا له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه، قال: دعوني فإن الله سيمنعني، قال: فغدا ابن مسعود حتى أتى المقام في الضحى، وقريش في أنديتها، حتى قام عند المقام ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم. رافعا بها صوته. الرحمن علم القرآن. قال: ثم استقبلها يقرؤها. قال: وتأملوه، فجعلوا يقولون: ماذا قال ابن أم عبد ؟ قال: ثم قالوا: إنه ليتلو بعض ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فقاموا إليه، فجعلوا يضربون في وجهه، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء ________________________________________ (1) الاستيعاب 1: 373، ج 436 2، الإصابة 2: 369. ________________________________________