[7] من سواهم من الناس وينأون عن إتباعه، وذلك إن الآيات قبلها جرت بذكر جماعة المشركين العادين به والخبر عن تكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والإعراض عما جاءهم به من تنزيل الله ووحيه، فالواجب أن يكون قوله " وهم ينهون عنه " خبرا عنهم، إذ لم يأتنا ما يدل على انصراف الخبر عنهم إلى غيرهم، بل ما قبل هذه الآية وما بعدها يدل على صحة ما قلنا من إن ذلك خبر عن جماعة مشركي قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم دون أن يكون خبرا عن خاص منهم، وإذا كان ذلك كذلك فتأويل الآية: وإن ير هؤلاء المشركون يا محمد ! كل آية لا يؤمنوا حتى إذا جاؤك يجادلونك يقولون إن هذا الذي جئتنا به إلا أحاديث الأولين وأخبارهم، وهم ينهون عن استماع التنزيل وينأون عنك، فيبعدون منك ومن اتباعك، وإن يهلكون إلا أنفسهم. ا ه وذكر الرازي في تفسيره 4: 28 قولين: نزولها في المشركين الذين كانوا ينهون الناس عن إتباع النبي والاقرار برسالته. ونزولها في أبي طالب خاصة فقال: والقول الأول أشبه لوجهين: الأول: إن جميع الآيات المتقدمة على هذه الآية تقتضي ذم طريقتهم فكذلك قوله: وهم ينهون عنه. ينبغي أن يكون محمولا على أمر مذموم فلو حملناه على أن أبا طالب كان ينهى عن إيذائه لما حصل هذا النظم. والثاني: إنه تعالى قال بعد ذلك: وإن يهلكون إلا أنفسهم. يعني به ما تقدم ذكره ولا يليق ذلك بأن يكون المراد من قوله وهم ينهون عنه النهي عن أذيته، لأن ذلك حسن لا يوجب الهلاك. فإن قيل: إن قوله " وإن يهلكون إلا أنفسهم " يرجع إلى قوله " وينأون عنه " لا إلى قوله " ينهون عنه " لأن المراد بذلك أنهم يبعدون عنه بمفارقة دينه وترك الموافقة له وذلك ذم فلا يصح ما رجحتم به هذا لقول ؟ قلنا: إن ظاهر قوله: وإن يهلكون إلا أنفسهم. يرجع إلا كل ما تقدم ذكره لأنه بمنزلة أن يقال: إن فلانا يبعد عن الشئ الفلاني وينفر عنه ولا يضر بذلك إلا نفسه، فلا يكون هذا الضرر متعلقا بأحد الأمرين دون الآخر. ا ه. وذكر ابن كثير في تفسيره 2: 127 القول الأول نقلا عن ابن الحنيفة وقتادة ومجاهد والضحاك وغير واحد فقال: وهذا القول أظهر والله أعلم وهو اختيار ابن جرير. ________________________________________