[360] صلى الله عليه وسلم فبكى ثم قام، فلما ولى ناداه أبو طالب فقال: أقبل يا بن أخي ! قال: فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إذهب يا بن أخي فقل ما أحببت فوالله لا أسلمك لشئ أبدا. ثم إن قريشا حين عرفوا أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول الله صلى الله عليه وسلم وإسلامه وإجماعه لفراقهم في ذلك وعداوتهم مشوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة فقالوا له: يا أبا طالب هذا عمارة بن الوليد أنهد فتى في قريش وأجمله، فخذه فلك عقله ونصره واتخذه ولدا فهو لك وأسلم إلينا ابن أخيك، هذا الذي قد خالفك دينك ودين آبائك وفرق جماعة قومك، وسفه أحلامهم، فنقتله، فإنما هو رجل برجل، قال: والله لبئس ما تسومونني، أتعطونني ابنكم أغذوه لكم وأعطيكم ابني تقتلونه ؟ ! هذا والله ما لا يكون أبدا. قال: فقال المطعم بن عدي بن نوفل: والله يا أبا طالب ! لقد أنصفك قومك وجهدوا على التخلص مما تكرهه، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئا، فقال أبو طالب للمطعم: والله ما أنصفوني، ولكنك قد أجمعت خذلاني ومظاهرة القوم علي فاصنع ما بدا لك أو كما قال. قال: فحقب الأمر، وحميت الحرب، وتنابذ القوم، وبادى بعضهم بعضا، فقال أبو طالب عند ذلك يعرض بالمطعم بن عدي ويعم من خذله من عبد مناف ومن عاداه من قبائل قريش، ويذكر ما سألوه وما تباعد من أمرهم: ألا قل لعمرو والوليد ومطعم * ألا ليت حظي من حياطتكم بكر (1) من الخور حبحاب كثيرة رغاؤه * يرش على الساقين من بوله قطر (2) تخلف خلف الورد ليس بلا حق * إذا ما علا الفيفاء قيل له: وبر (3) أرى أخوينا من أبينا وأمنا * إذا سئلا قالا: إلى غيرنا الأمر بلى لهما أمر ولكن تجرجما * كما جرجمت من رأس ذي علق صخر (4) ________________________________________ (1) البكر: القتى من الإبل. (2) الخور ج أخور: الضعيف حبحاب بالمهملتين: القصير. ويروى بالجيمين المعجمتين: الكثير الكلام. ويروى بالخاء المعجمة ومعناه: الضعيف. (3) الفيفاء الأرض القفر. وبر: دويبة على قدر الهرة، (4) تجرجما: سقطا وانحدرا، يقال: تجرجم الشئ إذا سقط. ذو علق: جبل في ديار بني أسد. [*] ________________________________________