[352] وذكرت دينا لا محالة إنه * من خير أديان البرية دينا (1) فرجعت قريش على أبي طالب بالعتب والاستعطاف وهو لا يحفل بهم ولا يلتفت إليهم. قال الأميني: هذا الشيخ الأبطح يروقه أن يضحي كل قومه دون نبي الاسلام وقد تأهب لأن يطأ القوميات كلها والأواصر المتشجة بينه وبين قريش بأخمص الدين. فحياها الله من عاطفة إلهية، وآصرة دينية هي فوق أواصر الرحم. - 6 - أبو طالب في بدء الدعوة لما نزلت: وأنذر عشيرتك الأقربين (2). خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد على الصفا فهتف: يا صباحاه. فاجتمعوا إليه، فقال: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح الجبل أكنتم مصدقي ؟ قالوا: نعم ما جربنا عليك كذبا. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: تبا لك، أما جمعتنا إلا لهذا ؟ ثم أحضر قومه في داره فبادره أبو لهب وقال: هؤلاء هم عمومتك وبنو عمك فتكلم ودع الصبأة (3) و اعلم أنه ليس لقومك بالعرب قاطبة طاقة، وأن أحق من أخذك فحبسك بنو أبيك و إن أقمت ما أنت عليه فهو أيسر عليهم من أن ينب لك ؟ ؟ وتمدهم العرب فما رأيت أحدا جاء على بني أبيه بشر مما جئتم به. فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولم يتكلم. ثم دعاهم ثانية وقال: الحمد لله أحمده وأستعينه واومن وأتوكل عليه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. ثم قال: إن الرائد لا يكذب أهله، والله الذي لا إله إلا هو إني رسول الله إليكم خاصة وإلى الناس عامة، والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، وانها الجنة أبدا والنار أبدا. فقال أبو طالب: ما أحب إلينا معاونتك، واقبلنا لنصيحتك، وأشد تصديقنا لحديثك، وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون وإنما أنا أحدهم غير أني أسرعهم إلى ما تحب، فامض لما أمرت به، فوالله لا أزال أحوطك وأمنعك، غير أن نفسي لا تطاوعني على ________________________________________ (1) راجع ما أسلفناه ص 334. (2) مر حديثها في الجزء الثاني ص 278 ط 2. (3) الصبا: الخروج من دين إلى دين آخر. [*] ________________________________________