[58] العزيز الحكيم " التغابن 18 " وقوله تعالى: حكاية عن نوح، لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك " أنعام 50، هود 31 " وقوله تعالى حكاية: لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير " الأعراف 188 ". وبهذا التفصيل في وجوه العلم يعلم عدم التعارض نفيا وإثباتا بين أدلة المسألة كتابا وسنة، فكل من الأدلة النافية والمثبتة ناظر إلى ناحية منها، والموضوع المنفي من علم الغيب في لسان الأدلة غير المثبت منه وكذلك بالعكس. وقد يوعز إلى الجهتين في بعض النصوص الواردة عن أهل البيت العصمة عليهم السلام مثل قول الإمام أبي الحسن موسى الكاظم عليه السلام مجيبا يحيى بن عبد الله بن الحسن لما قاله: جعلت فداك إنهم يزعمون أنك تعلم الغيب ؟ فقال عليه السلام: سبحان الله ضع يدك على راسي فوالله ما بقيت شعرة فيه ولا في جسدي إلا قامت، ثم قال: لا والله ما هي إلا وراثة عن رسول الله صلى الله عليه وآله (1) وكذلك الحال في بقية الصفات الخاصة بالمولى العزيز سبحانه وتعالى فإنها تمتاز عن مضاهاة ما عند غيره تعالى من تلكم الصفات بقيودها المخصصة، فلو كان عيسى على نبينا وآله وعليه السلام يحيي كل الموتى بإذن الله، أو كان خلق عالما بشرا من الطين بإذن ربه بدل ذلك الطير الذي أخبر عنه بقوله: إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله " آل عمران 49 " لم يكن يشارك المولى سبحانه في صفته الإحياء والخلق، والله هو الولي، وهو محيي الموتى، وهو الخلاق العليم. وإن الملك المصور في الأرحام مع تصويره ما شاء الله من الصور وخلقه سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها (1) لم يكن يشارك ربه في صفته، والله هو الخالق ________________________________________ (1) أخرجه شيخنا المفيد في المجلس الثالث من أماليه. (2) عن حذيفة مرفوعا: إذا مر بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها، ثم قال: يا رب أذكر أم أنثى ؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك، ثم يقول: يا رب أجله ؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك ثم يقول: يا رب رزقه ؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده فلا يزيد على ذلك شيئا ولا ينقص. أخرجه أبو الحسين مسلم في صحيحه، وذكره ابن الأثير في جامع الأصول. وابن الدبيع في التيسير 4 ص 40. وفي حديث آخر ذكره ابن الدبيع في تيسير الوصول 4 ص 40: إذا بلغت " يعني المضغة " أن تخلق نفسا بعث الله ملكا يصورها، فيأتي الملك بتراب بين إصبعيه فيخط في المضغة ثم يعجنه ثم يصورها كما يؤمر فيقول: أذكر أم أنثى ؟ أشقى أم سعيد ؟ وما عمره ؟ وما رزقه ؟ وما أثره ؟ وما مصائبه ؟ فيقول الله فيكتب الملك. ________________________________________