[12] قضى الله أن يبقى إماما معظما * مدى الدهر ما لاح الصباح وأسفرا فدم يا أمير المؤمنين مخلدا * على الملك منصور الجيوش مظفرا في المحرم من سنة 630 (1) قلد العدل مجد الدين أبو القاسم هبة الدين بن المنصوري الخطيب نقابة نقباء العباسيين والصلاة والخطابة، وخلع عليه قميص أطلس بطراز مذهبا ودراعة خارا أسود، وعمامة ثوب خارا أسود مذهب بغير ذوابة، وطيلسان قصب كحلي، وسيف محلى بالذهب، وامتطى فرسا بمركب ذهبا وقرئ بعض عهده في دار الوزارة وسلم إليه، وركب في جماعة إلى دار أنعم عليه بسكناها في المطبق من دار الخلافة وأنعم عليه بخمسمائة دينار، وهو من أعيان عدول مدينة السلام وأفاضل أرباب الطريقة المتكلمين بلسان أهل الحقيقة، كان يصحب الفقراء دائما ويأخذ نفسه بالرياضة والسياحة والصوم الدائم والتخشن والتباعد من العالم، وكان الموفق عبد الغافر ابن الفوطي من جملة تلامذته فعمل فيه أبياتا طويلة، ولما انتهى حالها إلى الديوان أنكر ذلك عليه ووكل به أياما ولم يخرج إلا بشفاعته وأول الأبيات: ناديت شيخي من شدة الحرب * وشيخنا في الحرير والذهب في دسته جالسا ببسملة * بين يديه من قام في أدب وركبة منه كنت أعهده * يذم أربابها على الرتب وكان أبناؤها لديه على * سخط من الله شامل الغضب أصاب في الرأي من دعاك لها * وأنت لما أجبت لم تسب 5 أول صوت دعاك عن عرض * لبيته مقبلا على السبب ويقول فيها: قد كنت ذاك الذي تظن به * لو لم تكن مسرعا إلى الرتب شيخي أين الذي يعلمنا الزهد * ويعتده من القرب ؟ أين الذي لم يزل يسلكنا * إلى خروج عن كل مكتسب ؟ 10 أين الذي لم يزل يعرفنا * فضل التمري بالجوع والتعب ؟ ومنها: ________________________________________ (1) الحوادث الجامعة ص 38. ________________________________________