[64] فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما. وبالعلم والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها. وأثر ذلك بين لأنه عليه السلام لم يسئل من الصحابة أحدا وقد سألوه، ولم يستفتهم وقد استفتوه، حتى أن عمر يقول: لولا علي لهلك عمر، ويقول: لا أعاشني الله لمشكلة ليس لها أبو الحسن، وقد قال الله تعالى: قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون. وبالزهد والتقوى والبر والحسنى فإذا كان أعلمهم فهو أتقاهم وقال الله تعالى: إنما يخشى الله من عباده العلماء. وبعد: فهو الذي آثر المسكين واليتيم والأسير على نفسه مخرجا قوته كل ليلة إليهم عند فطره حتى أنزل الله تعالى: ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا. فأخبر نبيه وعده عليه الجنة. والحديث طويل وفضله كثير، وهو الذي تصدق بخاتمه في ركوعه حتى أنزل الله فيه: إنما وليكم الله ورسوله. وزعمت طائفة من الشيعة ذاهلة عن تحقيق الاستدلال أن عليا عليه السلام كان في تقية فلذلك ترك الدعوة إلى نفسه. وزعمت أن عليه نصا جليا لا يحتمل التأويل، وقالت العدلية: هذا فاسد، كيف تكون عليه التقية في إقامة الحق وهو سيد بني هاشم ؟ وهذا سعد بن عبادة نابذ المهاجرين وفارق الأنصار لم يخش مانعا ودافعا وخرج إلى حوران ولم يبايع، ولو جاز خفاء النص الجلي عن الأمة في مثل الإمامة لجاز أن يتكتم صلاة سادسة وشهر يصام فيه غير شهر رمضان فرضا، وكلما أجمع عليه الأمة من أمر الأئمة الذين قاموا بالحق وحكموا بالعدل صواب، وأما من نابذ عليا عليه السلام وحاربه وشهر سيفه في وجهه فخارج عن ولاية الله إلا من تاب بعد ذلك وأصلح إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين. ا ه‍. المراد على ما يفهم من جواب العدلية أن دعوى تقية علي عليه السلام وتركه الدعوة إلى نفسه مع ادعاء النص الجلي عليه زعم فاسد، وإن الاعتقاد بترك الدعوة لا يوافق مع القول بالنص الجلي إذ لو كان لأبان وما ترك الدعوة، والمدعي ذاهل عن تحقيق الاستدلال بما ذكر من الكتاب والسنة فإنه عليه السلام دعا إلى نفسه واحتج بأدلة أوعزت إليها، فنسبة إنكار النص الجلي إلى المترجم بهذه العبارة كما فعله غير واحد في غير محله جدا. ________________________________________