[34] فلا بد ان نفرض انه قد وضع حلا مرضيا لهذا الامر يكون حدا للمنازعات وقاعدة يرجع إليها الناس، لتكون حجة على المنافقين والمعاندين، وسلاحا للمؤمنين، ما دمنا نعتقد انه نبي مرسل جاء بشيرا ونذيرا للعالمين إلى يوم يبعثون، فلم يكن دينه خاصا بعصره، ليترك امته من بعده سدى من غير راع أو طريقة يتبعونها، مع علمه بافتراق امته في ذلك. ولا يصح من حاكم عادل ان يحكم بنجاة فرقة واحدة على الصدفة من دون بيان وحجة تكون سببا لنجاتهم باتباعها، وسببا لهلاك باقي الفرق بتركها. لن ؟ ان الحديث والتأريخ لم يسجلا لنا الحل الذي نطمئن إليه، فهل يصح ان نصدقهما بهذا الاهمال، ونوافقهما على ان النبي ترك امته سدى، وفي فوضوية لاحد لها يختلفون ويتضاربون ؟، ثم يتقاتلون، وتراق آلاف آلاف الدماء السلمة، ساكتا عن اعظم امر مني به الاسلام والمسلمون، مع انه كان على علم به ؟. ولو كنا نصدقها مستسلمين لكذبنا عقولنا وتفكيرنا، فان الاسلام جاء رحمة لينقذ العالم الاسلامي من الهمجية والجاهلية الاولى، فكيف يقر تلك المجازر البشرية في اقصى حدودها، تلك المجازر التي لم يحدث التأريخ عن مثلها ولا عن بعض منها في عصر الجاهليين. ________________________________________