5179 - حدثنا بن أبي داود قال ثنا الوهبي قال أخبرنا بن إسحاق فذكر Y بإسناده مثله غير أنه قال ثم قال الوسق والوسقين والثلاثة والأربعة ولم يذكر قوله في كل عشرة قال أبو جعفر فقد جاءت هذه الآثار عن رسول الله A وتواترت في الرخصة في بيع العرايا وقبلها أهل العلم جميعا ولم يختلفوا في صحة مجيئها وتنازعوا في تأويلها فقال قوم العرايا أن الرجل يكون له النخلة والنخلتان في وسط النخل الكثير لرجل آخر قالوا وقد كان أهل المدينة إذا كان وقت الثمار خرجوا بأهليهم إلى حوائطهم فيجئ صاحب النخلة أو النخلتين بأهله فيضر ذلك بأهل النخل الكثير فرخص رسول الله A لصاحب النخل الكثير أن يعطى صاحب النخلة أو النخلتين خرص ماله من ذلك تمرا لينصرف هو وأهله عنه ويخلص تمر الحائط كله لصاحب النخل الكثير فيكون فيه هو وأهله وقد روى هذا القول عن مالك بن أنس C وكان أبو حنيفة C يقول فيما سمعت أحمد بن أبي عمران يذكر أنه سمعه من محمد بن سماعه عن [ ص 31 ] أبي يوسف عن أبي حنيفة قال معنى ذلك عندنا أن يعرى الرجل الرجل ثمر نخلة من نخلة فلا يسلم ذلك إليه حتى يبدو له فرخص له أن يحبس ذلك ويعطيه مكانه خرصه تمرا وكان هذا التأويل أشبه وأولى مما قال مالك لأن العرية إنما هي العطية ألا يرى إلى الذي مدح الأنصار كيف مدحهم إذ يقول ... ليست بسنيها ولا زجيبية ... ولكن عرايا في السنين الحوائج ... أي أنهم كانوا يعرونها في السنين الجوائح فلو كانت العرية كما ذهب إليه مالك إذا لما كانوا ممدوحين بها إذ كانوا يعطون كما يعطون ولكن العرية بخلاف ما قال فإن قال قائل فقد ذكرت في حديث زيد بن ثابت Bه أن رسول الله A نهى عن بيع الثمر بالتمر ورخص في العرايا فصارت العرايا في هذا الحديث أيضا هي بيع ثمر بتمر قيل له ليس في الحديث من ذلك شيء إنما فيه ذكر الرخصة في العرايا مع ذكر النهي عن بيع الثمر بالتمر وقد يقرن الشيء بالشيء وحكمهما مختلف فإن قال قائل فقد ذكر التوقيف في حديث أبي هريرة Bه على خمسة أوسق وفي ذكره ذلك ما ينفى أن يكون حكم ما هو أكثر من ذلك كحكمه قيل له ما فيه ما ينفي شيئا مما ذكرت وإنما يكون ذلك كذلك لو قال رسول الله A لا يكون العرية إلا في خمسة أوسق أو فيما دون خمسة أوسق فإذا كان الحديث إنما فيه أن رسول الله A رخص في بيع العرايا في خمسة أوسق أو فيما دون خمسة أوسق فذلك يحتمل أن يكون أن النبي A رخص فيه لقوم في عرية لهم هذا مقدارها فنقل أبو هريرة Bه ذلك وأخبر بالرخصة فيما كانت ولا ينفي ذلك أن يكون تلك الرخصة جارية فيما هو أكثر من ذلك فإن قال قائل ففي حديث عمر وجابر Bهما إلا أنه رخص في العرايا فصار ذلك مستثنى من بيع الثمر بالتمر فثبت بذلك أنه بيع ثمر بتمر قيل له قد يجوز أن يكون قصد بذلك إلى المعري له فرخص له أن يأخذ ثمرا بدلا من ثمر في رؤوس النخل لأنه يكون بذلك في معنى البائع وذلك له حلال فيكون الاستثناء لهذه العلة وفي حديث سهل بن أبي حثمة إلا أنه رخص في بيع العرية بخرصها تمرا يأكلها أهلها رطبا فقد ذكر للعرية أهلا وجعلهم يأكلونها رطبا ولا يكون ذلك إلا وملكها الذين عادت إليهم بالبدل الذي أخذ منهم فذلك يثبت قول أبي حنيفة فإن قال قائل لو كان تأويل هذه الآثار ما ذهب إليه أبو حنيفة رحمة الله عليه لما كان لذكر الرخصة فيها معنى قيل له بل له معنى صحيح ولكن قد اختلف فيه ما هو فقال عيسى بن أبان معنى الرخصة في ذلك أن الأموال كلها لا يملك بها إبدالا إلا من كان مالكها لا يبيع رجل ما لا يملك ببدله فيملك ذلك البدل وإنما يملك ذلك البدل إذا ملكه بصحة ملكه للشئ الذي هو بدل منه قال فالمعري لم يكن ملك العرية لأنه لم يكن قبضها والتمر الذي يأخذه بدلا منها قد جعل طيبا له في هذا الحديث وهو بدل من رطب لم يكن ملكه قال فهذا هو الذي قصد بالرخصة إليه وقال غيره الرخصة أن الرجل إذا أعرى الرجل الشيء من ثمره وقد وعده أن يسلمه إليه ليملكه المسلم إليه بقبضه إياه وعلى الرجل في دينه أن يفي بوعده وإن كان غير مأخوذ به في الحكم فرخص للمعري أن يحتبس ما أعرى بأن يعطى المعري خرصه تمرا بدلا منه من غير أن يكون آثما ولا في حكم من اختلف موعدا فهذا موضع الرخصة وهذا التأويل الذي ذكرناه عن أبي حنيفة رحمة الله عليه أولى مما حمل عليه وجه هذا الحديث لأن الآثار قد جاءت عن رسول الله A متواترة بالنهي عن بيع الثمر بالتمر فمنها ما قد ذكرناه في أول هذا ومنها ما قد