[ 224 ] قال الخادم ونحن نسمع يا أمير المؤمنين: إن للبرامكة أيادى خضرة عندي أفتأذن لى أن أحدثك بحالى معهما ؟ قال: قل. فقال يا أمير المؤمنين: أنا المنذر ابن المغيرة من أولاد الملوك، وقد زالت عنى نعمتي كما تزول عن الرجال، فلما ركبني الدين واحتجت إلى بيع ما على رأسي ورؤوس أهلى وبيتي الذى ولدت فيه أشاروا على بالخروج إلى البرامكة فخرجت من دمشق ومعى نيف وثلاثون أمرأة وصبى وصبية وليس معنا ما يباع ولا يوهب حتى دخلنا بغداد ونزلنا في بعض المساجد، فدعوت ببعض ثياب كنت عددتها لاستتر بها فلبستها وخرجت وتركتهم جياعا لا شئ عندهم ودخلت شوارع بغداد سائلا عن البرامكة فإذا أنا بمسجد مزخرف، وفى جانبه شيخ بأحسن زى وزينة وعلى الباب خادمان وفى الجامع جماعة جلوس فطمعت في القوم ودخلت المسجد وجلست بين أيديهم، وأنا أقدم رجلا وأؤخر أخرى والعرق يسيل منى لانها لم تكن صناعتي، وإذا الخادم قد أقبل ودعا القوم فقاموا وأنا معهم وإذا يحيى جالس على دكة له وسط بستان فسلمنا وهو يعدنا مائة وواحدا وبين يديه عشرة من ولده، وإذا بامرد نبت العذار في خديه قد أقبل من بعض المقاصير وبين يديه مائة خادم متمنطقون، في وسط كل خادم منطقة من ذهب يقرب وزنها من ألف مثقال، مع كل خادم مجمرة من ذهب وفى كل مجمرة قطعة من عود كهئة الفهد وقد قرن به مثله من العنبر السلطاني فوضعوه بين يدى الغلام وجلس إلى جنب يحيى ثم قال للقاضى تكلم: وزوج عائشة من ابن أخى هذا. فخطب القاضى خطبة النكاح وزوجه وشهد أولئك الجماعة وأقبلوا علينا بالنثار ببنادق المسك والعنبر، فالتقطت والله يا أمير المؤمنين ملء كمى ونظرت وإذا نحن في المكان ما بين يحيى والمشايخ وولده والغلام مائة وإثنى عشر، فإذا بمائة واثنى عشر خادما قد أقبلوا ومع كل خادم صينية من الفضة على كل صينية ألف دينار فوضعوا بين يدى كل رجل منا صينية فرأيت القاضى والمشايخ يضعون الدنانير في أكمامهم ويجعلون الصوانى تحت آباطهم ويقوم الاول فالاول حتى بقيت وحدي لا أجسر على أخذ الصنية فغمزني الخادم فجسرت وأخذتها وجعلت الذهب في كمى ________________________________________