[ 189 ] فوافيته وأنا في غاية الوجل فقال: أليس أمرتك بصرف محمد بن سليمان الازرق الاشقر. فقلت: قد عرفتك يا سيدى أنى ما استخدمت من هذه سبيله. ولا وقعت لى عليه عين. فقال لى: كذبت وهو معك في اصطبلك فاخرجه عن البلد الساعة، فانى رأيته في النوم أيضا وفى يده مكنسة وهو يكنس بها سائر دورى وحجرى ونسأل الله الكفاية. فقلت للؤلؤ أي ذنب لى يا سيدى في الاحلام ؟ فقال لى صدقت فاستتر إلى أن يتناسى الامير ذكرك وكان يجرى على رزقي في كل شهر وأنا لا أعمل شيئا فلما تهيأ من إنفاذ لؤلؤ إلى الشام ما تهيأ نهضت معه وتخلف عنه كتابه لما كانوا علموا من تغيير حاله عند صاحبه فادنانى وقربني واجري على عشرة دنانير في كل شهر وحملنى على دابة فلزمت خدمته ولقيته واستحمدت إليه فزادني من رأيه ولم ينتبه أحمد بن طولون من استيحاش لؤلؤ فكتب له بالرجوع إلى مصر، فشاورني فأشرت إليه بالانحدار إلى نواحى ديار مصر وأخذ كل ما استخف نيله من المال. ولم أترك غاية إلا أتيتها في تضريته وتأليبه حتى أوردته مدينة السلام. ثم تقلبت بى الاحوال في خدمة السلطان وخدمة الدولة وتوفى أحمد بن طولون وحبس ابنه وقتل أبو الجيش وتولى بعدهم هارون بن خماروية بن أحمد وضم لى القواد والرجال وكان فيهم لؤلؤ صاحبي وكان أصغرهم حالا، فلم أقصر في صلاح حاله والاحسان إليه ومعرفة حقه فلم ادن من الشام حتى تلقاني بدر الحمامى مطيعا، وتلاه طغج بن حف مسرعا وصرت إلى مصر فلما شارفتها وثب شيبان بن أحمد بن طولون ومن معه من جند مصر فقتلوا هارون وتولى شيبان الامر أياما وانثال إلى القواد في الامان ولحق بهم شيبان وتخلف الرجالة وقطعة من الفرسان، وأظهروا الخلاف فأوقعت بهم وأفنيتهم قتلا وأسرا، ودخلت الفسطاط عنوة وحويت النعم والمهج واشخصت الطولونية من البلد إلى الحضرة حتى لم يبقى فيها منهم أحد وصح بذلك منام أحمد بن طولون فسبحان الذى ما شاء فعل، وإياه نسأل خير ما تجرى به أقداره، وأن يختم لنا بخير رحمته. ________________________________________