[ 185 ] وانتبهت. فعاتبه أبو جعفر على ما كان بينهما، وجعل ذلك طريقا على استصلاحه، وبذل له من نفسه ما يريده ولم يبرح حتى أرضاه وصارا صديقين. وقال له ابن الفرات: لا رأيت بعدها منى سوءا ما عشت أبدا * وروى عن محمد بن على بن يونس عن أبيه أنه كتب لرجاء بن أبى الضحاك وهو بدمشق، وان على بن إسحاق بن يحيى بن معاذ كان يتقلد خلافة خمار تكين على المعونة على دمشق، فوثب على رجاء فقيده وقبض على جماعة من أسبابه وأمر بحبسي فحبست في يدى سجان كان جارا لى، وكان يأتيني بالخبر ساعة بعد ساعة. فدخل إلى وقال: اخرج والله رأس صاحبك رجاء على قناة، ثم جاءني وقال: قد قتل مطببه، ثم جاءني فقال: قد قتل ابن عمه، ثم جاءني فقال: قد قتل كاتبه الآخر فلان، ثم قال: الساعة يدعى بك لتقتل. فلما سمعت ذلك نالنى جزع شديد وخرج السجان وقفل الباب ودعى بى فدافع عنى وقال: مفتاح القفل مع شريكي والساعة يحضر، فنالني في تلك الساعة نعاس فرأيت في منامي كأنى ارتمطت في طين كثير، وكأني قد خرجت وما بلت قدمى واستيقظت وتأولت الفرج، وسمعت حركة شديدة فلم أشك أنها لطلبي فعاودني الجزع، فدخل السجان وقال ابشر: فقد أخذ الجند على بن اسحاق فحبسوه، فلم البث حتى جاءني الجند فأخرجوني وجاءوا بى إلى مجلس على بن اسحاق الذى كان فيه جالسا وقدامه دواية وكتاب قد كان كتبه إلى المعتصم في تلك الساعة يخبره بخبر قتله رجاء وجعل له ذنوبا ولنفسه معاذير ويسمى رجاء المجوسى الكافر. فحرقت الكتاب وكتبت بالخبر كما يجب إلى المعتصم من نفسي وما أجرى إليه على بن إسحاق وأنفذت الكتاب، ولم أزل أدبر العمل حتى تسلم منى وحمل إلى المعتصم فحبس حبسا طويلا، وأظهر الوسواس وتكلم فيه أحمد بن أبى داود فأطلق * وجدت في بعض الكتب أن المنصور استيقظ من منامه ليلة من بعض الليالى وهو مذعور لرؤيا رآها فصاح بالربيع وقال له: صر الساعة إلى الباب الذى يلى باب الشام فإنك ستصادف هناك رجلا مجوسيا مستندا إلى الباب الحديد فجئني به. فمضى الربيع مبادرا وعاد والمجوسي معه. فلما رآه المنصور قال: نعم هو هذا ما ظلامتك ؟ فقال: إن عاملك بالانبار ________________________________________