[ 182 ] لا قوت لها هي وخادمتها إلا مما تبرها الناس، فلما مات أبى اختل أمرها، وبلغ تجنى جارية الوزير المهلبى خبرها فكانت تقوم بأمرها، وأجرت عليها جرابة في كل شهر وكسوة في كل سنة. قال فباتت ليلة من الليالى على حالها تلك. ثم أصبحت من غد وقد برئت، ومشت، وقامت. وقعدت، وكنت مجاورا لها فكنت أرى الناس يتناوبون باب دارها فأنفذت أمرأة من دارى ثقة تعرفها حتى شاهدتها وسمعتها تقول: إنى ضجرت من نفسي ضجرا شديدا، فدعوت الله عزوجل طويلا بالفرج مما أنا فيه أو بالموت، وبكيت بكاء متصلا وبت وأنا قلقلة متألمة ضجرة وكان سبب ذلك: أن الخادمة تضجرت وخاطبتنى بما ضاق منه صدري فلما استثقلت في نومى دخل على رجل فارتعدت منه وقلت: يا هذا كيف تستحل أن تراني ؟ فقال أنا أبوك فظننته أمير المؤمنين. فقلت: يا أمير المؤمنين ما ترى ما أنا فيه ؟ فقال: أنا أبوك محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبكيت، وقلت يا رسول الله: ادع لى بالعافية. قال فحرك شفتيه بشئ لم أفهمه ثم قال: هاتى يديك فأعطيته يدى، فأخذها وجذبني بهما فقمت، فقال لى: امشى على اسم الله تعالى. فقلت: كيف أمشى ؟ فقال: يديك فأخذهما وما زال يمشى وهما في يديه ساعة. ثم أجلسني حتى فعل بى ذلك ثلاث مرات، ثم قال: قد وهب الله عزوجل لك العافية فاحمديه واتقيه، وتركني ومضى. فانتبهت وأنا لا أشك أنه واقف لسرعة المنام. فصحت فظنت الجارية أنى أريد البول فتثاقلت. فقلت: ويحك اسرجى السراج فانى رأيت النبي صلى الله عليه وسلم. فانتبهت المرأة فوجدتني مسجاة فشرحت لها المنام. فقالت: أرجو أن يكون الله عزوجل قد وهب لك العافية هاتى يديك فأعطيتها يدى فأجلستني. ثم قالت لى: قومي فقمت معها ومشيت متوكئة عليها ثم جلست وفعلت ذلك ثلاث مرات. الاخيرة منهن مشيت وحدي فصاحت الخادمة سرورا بالحال وإعظاما لها فقدر الجيران أنى قدمت فجاؤني فقمت ومشيت معهم. قال أبو محمد: وما زالت قوتها تزيد إلى أن رأيتها قد جاءت إلى والدتى في خف وإزار بعد أيام ولا قلبة بها فبررتها وهى باقية وهى من أصلح النساء. وأورعهن ________________________________________