[ 11 ] زين لهم وأغروهم بالأموال، فجمعوا التراث الفكري وشروه ببخس دراهم معدودة، واودعوه في الصناديق وحملوه الى الغرب بشتى الطرق والوسائل، وهذا كان ديدنهم مدى حياتهم، يبردون إليه النفائس وينقلون إليه المخطوطات الى يومنا هذا. هنا يكشف التاريخ القناع عن وجه واحد من هؤلاء السماسرة، ويعرف بتاج الدين أبي اليمن زيد بن الحسن بن الحسن بن زيد بن الحسن بن سعيد الكندي البغدادي الدمشقي المصري المتوفى 613 ه‍، قال ابن خلكان عند ترجمته له: أوحد عصره في فنون الآداب وعلو السماع، وشهرته تغني عن الأطناب في وصفه، سافر عن بغداد في شبابه، واستوطن حلب مدة، كان يبتاع الخليق، ويسافر به الى بلاد الروم ويعود إليها، ثم انتقل الى دمشق وصحب الأمير عز الدين فروخ شاه بن شاهان شاه، وهو ابن اخي السلطان صلاح الدين، واختص به وتقدم عنده وسافر في صحبته الى الديار المصرية واقتنى من كتب خزائنها كل نفيس وعاد الى دمشق واستوطنها وقصده الناس وأخذوا عنه. والله أعلم كم كان لدة أمثال تاج الدين هذا... وكم حملوا الى الروم من التراث... ويمكن القول أن العراق... وسورية... كانا أول البلاد التي فقدت ثروتها الفكرية... لهذا لا تخلو مكتبة كبرى في الغرب من مجموعة كبيرة تتناول البحث عن تاريخ العرب والاسلام، وما يتصل بها من آثار وحضارة وأديان ولغات وسياسة وغير ذلك، كما أولوا البحوث الأسلامية عناية خاصة، وحرصوا أشد الحرص على اكتناز ما يصدر من المطبوعات في أغلب العواصم العربية والأسلامية، أما ما ينشره المستشرقون من كتب عربية قديمة في الغرب، فانهم يتسابقون الى احرازه واختزانه والانتفاع به. ففي سنة 1943 م، أحرزت جامعة - برنستن - مجموعة كبيرة من المخطوطات العربية يقدر عددها بستة آلاف (6) مخطوط اقتنتها من ________________________________________ (1) وفيات الأعيان 2: 34 نسمة السحر 1: 242 (خ). ________________________________________