[ 564 ] برقه، ثم يتجهزان ويخرجان إلى سردانية، ولا يزالان بها إلى الليلة التي يكون فيها أمر قائمنا (عليه السلام). وأما التاجران الخارجان من عانة إلى أنطاكية، فهما رجلان: يقال لاحدهما مسلم، وللآخر سليم، ولهما غلام أعجمي يقال له سلمونة، يخرجون جميعا في رفقة من التجار، يريدون أنطاكية، فلا يزالون يسيرون في طريقهم حتى إذا كان بينهم وبين أنطاكية أميال يسمعون الصوت فينصتون نحوه، كأنهم لم يعرفوا شيئا غير ما صاروا إليه من أمرهم ذلك الذي دعوا إليه، ويذهلون عن تجاراتهم، ويصبح القوم الذين كانوا معهم من رفاقهم، وقد دخلوا أنطاكية، فيفقدونهم، فلا يزالون يطلبونهم، فيرجعون ويسألون عنهم من يلقون من الناس فلا يقعون لهم على أثر، ولا يعلمون لهم خبرا، فيقول القوم بعضهم لبعض: هل تعرفون منازلهم ؟ فيقول بعضهم: نعم. ثم يبيعون ما كان معهم من التجارة ويحملونها إلى أهاليهم. ويقتسمون مواريثهم، فلا يلبثون بعد ذلك إلا ستة أشهر حتى يوافون إلى أهاليهم على مقدمة القائم (عليه السلام) فكأنهم لم يفارقوهم. وأما المستأمنة من المسلمين إلى الروم، فهم قوم ينالهم أذى شديد من جيرانهم وأهاليهم ومن السلطان، فلا يزال ذلك بهم حتى أتوا ملك الروم فيقصون عليه قصتهم، ويخبرونه بما هم فيه من أذى قومهم وأهل ملتهم فيؤمنهم ويعطيهم أرضا من أرض قسطنطينة، فلا يزالون بها حتى إذا كانت الليلة التي يسرى بهم فيها، يصبح جيرانهم وأهل الارض التي كانوا بها قد فقدوهم، فيسألون عنهم أهل البلاد فلا يحسون لهم أثرا، ولا يسمعون لهم خبرا، وحينئذ يخبرون ملك الروم بأمرهم وأنهم قد فقدوا. فيوجه في طلبهم، ويستقصي آثارهم وأخبارهم، فلا يعود مخبر لهم بخبر فيغتم طاغية الروم لذلك غما شديدا، ويطالب جيرانهم بهم، ويحبسهم ويلزمهم إحضارهم. ويقول: ما قدمتم على قوم آمنتهم وأوليتهم جميلا ؟ ويوعدهم القتل إن لم يأتوا بهم ونحبرهم، وإلى أين صاروا فلا يزال أهل مملكته في أذية ومطالبة، ما بين معاقب ومحبوس ومطلوب، حتى يسمع بما هم فيه راهب قد قرأ الكتب، فيقول لبعض من يحدثه حديثهم: إنه ما بقي ________________________________________