[48] وذلك ان التابعين مثل الاسود وعلقمة من اهل العراق وابى سلمة وعطاء ودونهما من اهل الحجاز قد سمعوا من عائشة من غير أن ينظروا إليها بعد ان سمعوا صوتها، وقبل الناس اخبارهم من غير أن يصل احدهم إليها حتى ينظر إليها عيانا، فكذلك ابن اسحاق كان يسمع من فاطمة والستر بينهما مسبل أو بينهما حائل من حيث يسمع كلامها، فهذا سماع صحيح، والقادح فيه غير منصف. وأما مالك فانه كان ذلك منه مرة ثم عادله إلى ما يجب، وذاك انه لم يكن بالحجاز احد أعلم بأنساب الناس وايامهم من محمد بن اسحاق، وكان يزعم ان مالك من موالي بنى اصبح وكان مالك يزعم انه من انفسهم فوقع بينهما لهذا مفاوضة، فلما صنف مالك الموطأ قال ابن اسحاق: ايتونى به فانى بيطاره ! فنقل ذلك لى مالك فقال: لا يسكت هذا دجال من الدجاجلة ! يروي عن اليهود وكان بينهم ما يكون بين الناس. حتى عزم محمد بن اسحاق على الخروج إلى العراق فتصالحا حينئذ واعطاه مالك عند الوداع خمسين دينارا ثمن تمرته تلك السنة. ولم يكن يقدح مالك فيه من اجل الحديث، انما كان ينكر عليه تتبعه غزوات النبي صلى الله عليه وسلم عن اولاد اليهود الذين اسلموا وحفظوا قصة خيبر وقريضة والنضير وما اشبهها من الغزوات عن اسلافهم. وكان ابن اسحاق يتتبع هذا عنهم ليعلم من غير أن يحتج بهم. وكان مالك لا يرى الرواية الا عن متقن صدوق فاضل يحسن ما يروي ويدري ما يحدث. حدثني محمد بن عبد الرحمن الدغلوي [الدغولى] ثنا ابن فهر [فهر] ثنا علي بن الحسين بن واقد، قال: دخلت على ابن المبارك وإذا هو وحده فقلت يا ابا عبد الرحمن كنت اشتهي ان ألقاك على هذه الحالة. قال: هات. قلت: ما تقول في محمد بن اسحاق ؟ قال: انا وجدناه صدوقا ثلاث مرات. سمعت محمد بن اسحاق الثقفي بقول: سمعت المفضل بن غسان الغلابى ________________________________________