[542] خديه (1) على راحته، والريح يضرب طرف الثوب على وجه علي (عليه السلام)، قال: والناس على الباب وفي المسجد ينتحبون ويبكون، وإذا سمعنا صوتا في البيت: إن نبيكم طاهر مطهر فادفنوه ولا تغسلوه، قال: فرأيت عليا (عليه السلام) حين رفع رأسه فزعا فقال: اخسأ عدو الله، فإنه أمرني بغسله وكفنه ودفنه، وذاك سنة، قال: ثم نادى مناد آخر غير تلك النغمة: يا علي بن أبي طالب استر عورة نبيك، ولا تنزع القميص (2). 54 - نهج: إلا إن لي في التأسي بعظيم فرقتك، وفادح مصيبتك موضع تعز، فلقد وسدتك في ملحودة قبرك، وفاضت بين نحري وصدري نفسك، إنا لله وإنا إليه راجعون (3). 55 - نهج: من كلام له (عليه السلام) قاله وهو يلي غسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتجهيزه: بأبي أنت وامي لقد انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت غيرك من النبوة والانباء وأخبار السماء خصصت حتى صرت مسليا عمن سواك، وعممت حتى صار الناس فيك سوآء، ولو لا أنك أمرت بالصبر، ونهيت عن الجزع لانفدنا (4) عليك ماء الشؤن ولكان الداء مماطلا، والكمد محالفا، وقلالك، ولكنه مالا يملك رده، ولا يستطاع دفعه، بأبي أنت وامي اذكرنا عند ربك، واجعلنا من بالك (5). بيان: قوله (عليه السلام): ما لم ينقطع، إذ في موت غيره (صلى الله عليه وآله) من الانبياء كان يرجى نزول الوحي على غيره فأما هو (صلى الله عليه وآله) فلما كان خاتم الانبياء لم يرج ذلك. قوله (عليه السلام): خصصت، أي في المصيبة، أي اختصت وامتازت مصيبتك في الشدة بين المصائب حتى صار تذكرها مسليا عما سواها، وعمت مصيبتك الانام بحيث لا يختص بها أحد دون غيره. قوله: لانفذنا، أي أفنينا وأذهبنا حتى لا يبقى شئ ________________________________________ (1) الضميران راجعان إلى على (عليه السلام). منه رحمه الله. (2) تهذيب الاحكام 1: 132. (3) نهج البلاغة القسم الاول: 417. والاية في البقرة: 156. (4) في المصدر: [لانفذنا] ولعله مصحف. (5) نهج البلاغة القسم الاول: 491 و 492. ________________________________________