[61] قال الواقدي: ومضى المسلمون ونزلوا وادي القرى (1) فأقاموا به أياما وساروا حتى نزلوا بمؤتة، وبلغهم أن هرقل ملك الروم قد نزل ماء من مياه البلقاء في بكر وبهراء (2) ولخم وجذام وغيرهم مائة ألف مقاتل، وعليهم رجل من بلي، فأقام المسلمون ليلتين ينظرون في أمرهم وقالوا: نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه واله فنخبره الخبر، فإما أن يردنا أو يزيدنا رجلا، فبينا الناس على ذلك إذ جاءهم عبد الله بن رواحة فشجعهم وقال: والله ما كنا نقاتل الناس بكثرة عدد (3)، ولا كثرة سلاح ولا كثرة خيل إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، انطلقوا فقاتلوا فقد والله رأيتنا (4) يوم بدر ما معنا إلا فرسان، إنما هي إحدى الحسنين: إما الظهور عليهم فذاك ما وعدنا الله ورسوله وليس لوعده خلف، وإما الشهادة فنلحق بالاخوان نرافقهم في الجنان فشجع الناس على قول ابن رواحة. قال: وروى أبو هريرة قال: شهدت مؤتة، فلما رأينا المشركين رأينا ما لا قبل لنا به من العدد والسلاح والكراع والديباج والحرير والذهب، فبرق بصري فقال لي ثابت بن أقرم (5): مالك يابا هريرة ؟ كأنك ترى جموعا كثيرة ؟ قلت: نعم قال: لم تشهدنا ببدر، إنا لم ننصر بالكثرة. قال: الواقدي: فالتقى القوم فأخذ اللواء زيد بن حارثة فقاتل حتى قتل، طعنوه بالرماح، ثم أخذه جعفر فنزل عن فرس له شقراء فعرقبها فقاتل حتى قتل، قيل: إنه ضربه رجل من الروم فقطعه نصفين فوقع أحد نصفيه في كرم هناك، فوجد فيه ثلاثون أو بضع وثلاثون جرحا. قال: وقد روى نافع، عن ابن عمر أنه وجد في بدن جعفر بن أبي طالب اثنتان وسبعون ضربة وطعنة بالسيوف والرماح. ________________________________________ (1) في المصدر: فنزلوا وادى القرى. (2) بهراء: بطن من قضاعة من قضاعة القحطانية، وهم بنو بهراء بن عمرو بن الحافى بن قضاعة وترجمنا قبل ذلك سائر القبائل. (3) في المصدر: بكثرة عدة. (4) في المصدر: رأينا. (5) في المصدر: (ثابت بن ارقم) وهو من تصحيف الطابع. ________________________________________