[32] رجع من الحديبية أقام بالمدينة بقية ذي الحجة، وبعض المحرم، ثم خرج في بقية المحرم لسنة سبع، واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري (1)، و أخرج معه أم سلمة، فلما نزل بساحتهم أصبحوا وغدوا (2) إلى أعمالهم معهم المساحي والمكاتل، فلما نظروا إلى رسول الله صلى الله عليه واله قالوا: محمد والخميس (3) فولوا هاربين إلى حصونهم، وجعل رسول الله صلى الله عليه واله يقول: " الله أكبر خزيت (4) خيبر إنا جيش إذا نزلنا (5) بساحة قوم فساء صباح المنذرين " فقاتلوهم أشد القتال وفتحها حصنا حصنا، وهي حصون ذوات عدد، وأخذ كنز (6) آل أبي الحقيق، وكان قد غيبوه في خربة فدله الله عليه فاستخرجه وقتل منهم ثلاثة وتسعين (7) رجلا من يهود حتى ألجأهم إلى قصورهم، وغلبهم على الارض والنخل فصالحهم على أن يحقن دماءهم ولهم ما حملت ركابهم، وللنبي صلى الله عليه واله الصفراء والبيضاء والسلاح، ويخرجهم وشرطوا للنبي صلى الله عليه واله أن لا يكتموه شيئا، فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد، فلما وجد المال الذي غيبوه في مسك الجمال (8) سبى نساءهم وغلب على الارض والنخل ودفعها إليهم على الشطر. ثم ذكر حديث الراية ورجوع أبي بكر وعمر وانهزامهما وقوله صلى الله عليه واله: " أما والله لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله يأخذها " إلى آخر ما مر. ________________________________________ (1) في سيرة ابن هشام 3: 378: واستعمل على المدينة نميلة بن عبد الله الليثى، وذكر المقريزى في الامتاع سباع أولا، ثم قال: وقيل: أبا ذر، وقيل نميلة بن عبد الله الليثى. (2) في المصدر: أصبحوا وأفئدتهم تخفق وفتحوا حصونهم وغدوا. (3) الخميس الجيش، سمى بذلك لانه ينقسم إلى خمسة اقسام: مقدمة، وساقة، وقلب، وميمنة، وميسرة. (4) في السيرة: خربت خيبر. (5) في المصدر والسيرة وغيرهما: إنا إذا نزلنا. (6) في الامتاع: كان مسك جمل فيه: أسورة الذهب، ودمالج الذهب، وخلاخل الذهب واقرطة ذهب، ونظم من جوهر وزمرد: وخواتم ذهب: وفتخ بجزع ظفار مجزع بالذهب انتهى أقول: الفتخ بالخاء المعجمة جمع فتخة: حلقة تلبس في الاصبع كالخاتم. (7) في المصدر: سبعين. (8) في المصدر: في مسك الجمل. ________________________________________