[ 344 ] فإني رأيت رجلا طويلا أبيض ضربه فتدهدا (1) أمامه، فأخذت رأسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ذاك فلان من الملائكة. قال الواقدي: وكان ابن عباس يقول: لم يقاتل الملائكة إلا يوم بدر، وقال: كان الملك يتصور في صورة من يعرفه المسلمون من الناس ليثبتهم، فيقول: إني قد دنوت من المشركين فسمعتهم يقولون: لو حملوا علينا ما ثبتنا لهم وليسوا بشئ فاحملوا عليهم، وذلك قول الله تعالى: " إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا (2) " الآية. وروى أن السائب بن أبي جيش (3) الاسدي كان يحدث فيقول: والله ما أسرني يوم بدر أحد من الناس، ولما انهزمت قريش انهزمت معها فأدركني رجل أبيض طويل على فرس أبلق بين السماء والارض، فأوثقني رباطا، وجاء عبد الرحمن ابن عوف فوجدني مربوطا، وكان عبد الرحمن ينادي في العسكر: من أسر هذا ؟ فليس أحد يزعم أنه أسرني حتى انتهى بي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: يابن أبي جيش (4) من أسرك ؟ قلت: لا أعرفه، وكرهت أن أخبره بالذي رأيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أسره ملك من الملائكة كريم، اذهب يا بن عوف بأسيرك، فذهب بي عبد الرحمن. وعن حكيم بن حزام قال: التقينا فاقتتلنا فسمعت صوتا وقع من السماء إلى الارض مثل وقع الحصاة في الطست، وقبض النبي صلى الله عليه وآله القبضة فرمى بها فانهزمنا. وقال نوفل بن معاوية: انهزمنا يوم بدر ونحن نسمع كوقع الحصا في الطساس بين أيدينا ومن خلفنا، فكان ذلك أشد الرعب علينا. وروى الواقدي عن سعيد بن المسيب قال: أمن رسول الله صلى الله عليه وآله من الاسرى ________________________________________ (1) هكذا في النسخ، وهو مصحف فتدهدى، أو فتدهده كما في المصدر. (2) أشرنا إلى موضع الاية في صدر الباب. (3 و 4) الصيحح كما في المصدر: السائب بن أبى حبيش، وهو ابن المطلب بن أسد، من بنى أسد بن عبد العزى بن قصى ذكره ابن هشام في سيرته. ________________________________________