[ 52 ] قال الطبرسي رحمه الله: قال ابن عباس: ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله آية كانت أشد عليه ولا أشق من هذه الآية، ولذلك قال لاصحابه: - حين قالوا له: أسرع إليك الشيب يارسول الله - شيبتني. هود والواقعة (1). قوله تعالى: " ولئن اتبعت أهوائهم " قد مر الكلام في مثله فلا نعيده، قال الطبرسي رحمه الله: خطاب للنبي صلى الله عليه وآله، والمراد به الامة " من ولي " أي ناصر يعينك عليه، ويمنعك من عذابه " ولا واق " يقيك منه (2) قوله تعالى: " لا تجعل مع الله إلها آخر " قال الرازي: قال المفسرون: هذا في الظاهر خطاب للنبي صلى الله عليه وآله، ولكن المعنى (3) عام لجميع المكلفين، ويحتمل ايضا أن يكون الخطاب للانسان، كأنه قيل: أيها الانسان لا تجعل مع الله إلها آخر، وهذا الاحتمال عندي أولى، لانه تعالى عطف عليه قوله: " وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه " إلى قوله: " إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما " وهذا لا يليق بالنبي صلى الله عليه وآله، لان أبويه ما بلغا الكبر عنده، فعلمنا أن المخاطب بهذا هو نوع الانسان، وأما قوله: " فتقعد " ففيه وجوه: الاول: أن معناه المكث، أي فتمكث في الناس مذموما مخذولا، وهذا معنى شائع لهذا اللفظ في عرف العرب والقرس (4). الثاني: أن من شأن المذموم المخذول أن يقعد نادما متفكرا على ما فرط منه. الثالث: أن المتمكن من تحصيل الخيرات يسعى في تحصيلها، والسعي إنما يتأتي بالقيام، وأما العاجز عن تحصيلها فإنه لا يسعى بل يبقى جالسا قاعدا عن الطلب (5) ________________________________________ (1) مجمع البيان 5: 199. (2) مجمع البيان 6: 297. (3) في المصدر: ولكن في المعنى. (4) نقل المصنف معنى قوله، وأما الفاظه فهكذا: وهذه اللفظة مستعملة في لسان العرب و الفرس في هذا المعنى، فإذا سأل الرجل غيره ما يصنع فلان في تلك البلدة ؟ فيقول المجيب: هو قاعد بأسوء حال، معناه المكث سواء كان قائما أو جالسا. (5) هنا اختصار، والموجود في المصدر: فلما كان القيام على الرجل أحد الامور التى بها يتم الفوز بالخيرات، وكان القعود والجلوس علامة على عدم تلك المكنة والقدرة لا جرم جعل القيام كناية عن القدرة على تحصيل الخيرات، والقعود كناية عن العجز والضعف. [ * ] ________________________________________