[ 408 ] محمد أرفع ذكرا من ذلك، جعلت فاطمة عليها السلام سيدة نساء العالمين من بناته، والحسن و الحسين عليهما السلام من ذريته، وآتاه الكتاب المحفوظ لا يبدل ولا يغير (1)، وصبر يعقوب عليه السلام على فراق ولده حتى كاد يحرض، وصبر محمد صلى الله عليه واله على وفاة إبراهيم وعلى ما علم من فحوى ما يجري على ذريته. يوسف عليه السلام إن كان له جمال فلمحمد صلى الله عليه واله ملاحة وكمال، قوله صلى الله عليه واله: كان يوسف عليه السلام أحسن ولكنني أملح. وإن كان يوسف في الليل نورانيا فمحمد في الدنيا والعقبى نوراني، ففي الدنيا يهدي الله لنوره، وفي العقبى: " انظرونا نقتبس (2) ". يوسف عليه السلام دعا لمالك بن ذعر ليكثر ماله وولده، قال النبي صلى الله عليه واله: " ستدرك (3) ولدا لي يسمى الباقر، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام، وقال لانس: اللهم أطل عمره، وأكثر ماله وولده " فبقي إلى أيام عمر بن عبد العزيز، وله عشرون من الذكور، وثمانون من الاناث، وكانت شجراته كل حول ذوات ثمرتين. صبر يوسف عليه السلام في الجب والحبس والفرقة والمعصية، ومحمد قاسى من كثرة الغربة والفرقة، وحبس في الشعب ثلاث سنين، وفي الغار ثلاث ليال، وكان ليوسف عليه السلام رؤياه، ولمحمد: " لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام (4) ". موسى عليه السلام أعطاه الله اثنتى عشرة عينا، قوله: " فانفجرت منه اثنتا عشرة (5) عينا " ومحمد أمر البراء بن عازب بغرس سهمه يوم الميضاة (6) بالحديبية في قليب جافة فتفجرت اثنتا عشرة عينا حتى كفت ثمانية آلاف رجل، وكان لموسى عليه السلام انفجار الماء من الحجر، ولمحمد عليه السلام انفجار الماء من بين أصابعه، وهذا أعجب، وأنزل الله لموسى ________________________________________ (1) أي لا ينسخ، ولا يصل إليه يدى التصحيف والتحريف. (2) الحديد: 13. (3) المخاطب جابر بن عبد الله الانصاري الصحابي. (4) الفتح: 27. (5) البقرة: 60. (6) الميضأة والميضاءة: الموضع يتوضأ فيه. المطهرة يتوضأ منها. ________________________________________