[ 56 ] أني محقة لك في هذا الامر، قم (1) إلى عمومتك وقل لهم: يخطبوني لك من أبي، ولا تخف من كثرة المهر، فهو عندي وأنا أقوم لك بالهدايا والمصانعات، فسر وأحسن الظن فيمن أحسن بك الظن (2)، فخرج النبي صلى الله عليه واله من عندها، ودخل على عمه أبي طالب و السرور في وجهه (3)، فوجد أعمامه مجتمعين، فنظر إليه أبو طالب وقال: يابن أخي يهنئك ما أعطتك خديجة وأظنها قد غمرتك من عطاياها، قال محمد صلى الله عليه واله: يا عم لي إليك حاجة، قال: وما هي ؟ قال، تنهض أنت وأعمامي هذه الساعة إلى خويلد، وتخطبون لي منه خديجة، فلم يرد أحد منهم عليه جوابا غير أبي طالب، فقال: يا حبيبي إليك نصير، وبأمرك نستشير في امورنا، وأنت تعلم أن خديجة امرأة كاملة ميمونة فاضلة تخشي العار، وتحذر الشنار (4)، وقد عرفت قبلك رجلين: أحدهما عتيق بن عائذ، والآخر عمرو الكندي، وقد رزقت منه ولدا، وخطبها ملوك العرب ورؤساؤهم وصناديد قريش وسادات بني هاشم وملوك اليمن وأكابر الطائف، وبذلوا لها الاموال، فلم ترغب في أحد منهم، ورأت أنها أكبر منهم، وأنت يابن أخي فقير لا مال لك ولا تجارة، وخديجة امرأة مزاحة عليك، فلا تعلل نفسك بمزاحها، ولا تسمع قريشا هذا الامر (5)، فقال أبو لهب: يا ابن أخي لا تجعلنا في أفواه العرب، وأنت لا تصلح لخديجة، فقام إليه العباس وانتهره، وقال: والله إنك لرذل الرجال، ردي الافعال، وما عسى أن يقولوا في ابن أخي، والله إنه أكثر منهم جمالا، وأزيد كمالا، وبماذا تتكبر عليه خديجة ؟ لمالها أم لزيادة كمالها وجمالها ؟ فاقسم برب الكعبة لان طلبت عليه مالا لاركبن جوادي وأطوف في الفلوات، ولادخلن ________________________________________ (1) ولكن قم خ ل. (2) في المصدر، ولا تخف إن كان يطلب منك مالا، فأنا والله أقوم لك بالهدايا والاموال ومهما طلب أبي من المال أنا أقوم به، وهذه أموالي وذخائري وعبيدى وجواري كلها بين يديك خذ منها ما شئت، فأنا لك طالبة، وفيك راغبة، ولا اريد سواك، فسر وأحسن الظن فيمن تحسن الظن بك، ولا تخيب قاصديك. (3) قد زاد خ ل. (4) الشنار: العار. أقبح العيب. (5) في المصدر: ولا تسمع قريش هذا الكلام أبدا. ________________________________________