[ 43 ] أودعوني في أموالهم، فقال: يا مولاي تصدق علينا بالمسير، إن عدم لهم عقال علي ببعير، فقال له النبي صلى الله عليه واله: سر، وسار معهم إلى ديرهم، وكان له بابان: واحد كبير، والآخر صغير، وقد وضعوا بحيال الباب الصغير كنيسة فيها تصاوير وتماثيل، فإذا دخل الرجل من الباب الصغير ينحني برأسه، وذلك برسم السجود للتصاوير في الكنيسة، فخطر في نفسه أنه يدخل النبي صلى الله عليه واله من الباب الصغير ليتلذذ بمعاجزه (1) وغرائب كراماته، فلما دخل الراهب أمامه داخله الفزع من النبي صلى الله عليه واله فلما دخل النبي صلى الله عليه واله من الباب القصير أمر الله تعالى عضادتي الباب أن ترتفع، فارتفع الباب حتى دخل النبي صلى الله عليه واله منتصب القامة، فلما أشرف على القوم قاموا له إجلالا، وأجلسوه في أوساطهم على أعلى مكان، ووقف الراهب بين يديه، والرهبان حوله، فقدموا بين يديه طرائف الشام (2)، ثم رمق الراهب بطرفه إلى السماء فقال: إلهي وسيدي ومولاي أرني خاتم النبوة، فأرسل الله عزوجل جبرئيل ورفع ثيابه عن ظهره، فبان خاتم النبوة بين كتفيه، فسطع منه نور ساطع، فلما رآه الراهب خر ساجدا هيبة من ذلك النور، ثم رفع رأسه وقال: هو أنت حقا، ثم إن حمزة أنشأ يقول: أنت المظلل بالغمام وقد رأى * الرهبان أنك ذاك وانكشف الخبر ربيت في بحبوح (3) مكة بعد ما (4) * وضع الخليل وفاق فخرك من فخر ورضعت في سعد لثدي حليمة * كرما ففاض الثدي نحوك وانحدر قال: فشكره النبي صلى الله عليه واله وتفرق القوم إلى رحالهم، وقد كمد أبو جهل غيظا، وبقي ميسرة والراهب مع النبي صلى الله عليه واله فقال الراهب: يا سيدي أبشر، فإن الله يوطئ لك رقاب ________________________________________ (1) بمعجزاته خ ل وفي المصدر: لسدد معجزاته، ويشهدون غرائب كراماته اه‍ قلت: لعله مصحف يسددون بمعجزاته. (2) في المصدر: والرهبان حواليه، ومدحوه بأفصح لسان، وأوعدوه بالاجلال والاكرام، وقدموا بين يديه من ظرائف الشام. (3) بحبوحة مكة: وسطها. (4) حيث ما خ ل. ________________________________________