[ 30 ] ثم إن النبي صلى الله عليه واله سار مجدا للسير إلى الابطح، فوجد القوم مجتمعين، وهم لقدومه منتظرون، فلما نظروا إلى جمال سيد المرسلين وقد فاق الخلق أجمعين فرح المحب (1)، واغتم الحاسد (2)، وظهر الحسد والكمد فيمن (3) سبقت له الشقاوة من المكذبين (4)، وزادت عقيدة من سبقت له السعادة من المؤمنين، فلما نظر العباس إليهم أنشأ يقول: يا مخجل الشمس والبدر المنير إذا * تبسم الثغر لمع البرق منه أضا كم معجزات رأينا منك قد ظهرت * يا سيدا ذكره يشفي به المرضى فلما نظر النبي صلى الله عليه واله إلى أموال خديجة على الارض ولم يحمل منها شئ زعق على العبيد، وقال: ما الذي منعكم عن شد رحالكم ؟ قالوا يا سيدنا لقلة عددنا، وكثرة أموالنا، فأبرك راحلته، ونزل ولوى ذيله في دور منطقته وصار يزعق بالبعير فيقول: بإذن الله تعالى، فتعجب الناس من فعله، فنظر العباس إلى النبي صلى الله عليه واله وقد احمرت وجناته من العرق، فقال: كيف اخلي الشمس تقرح هذا الوجه الكريم ؟ فعمد إلى خشبة وقال: لاتخذن منها حجفة (5) تظل (6) محمدا من حر الشمس، فارتجت الاقطار وتجلى الملك الجبار، وأمر الامين جبرئيل عليه السلام أن يهبط (7) إلى رضوان خازن الجنان وقل له: يخرج لك الغمامة التي خلقتها لحبيبي محمد صلى الله عليه واله قبل أن أخلق آدم بألفي عام، وانشرها على رأس حبيبي محمد، فلما رأوها شخصت نحوها الابصار، وقال العباس: إن (8) محمدا لكريم على ربه، ولقد استغنى عن حجفتي (9)، ثم أنشأ يقول: ________________________________________ (1) المحبون خ ل، وفي المصدر: المحبوب. (2) الحاسدون خ ل، وفي المصدر: الحسود. (3) ممن خ ل، وهو الموجود في المصدر. (4) في المصدر: وكتب من المكذبين، وبعده: وكتب من المؤمنين. (5) الحجفة: الترس من جلد بلا خشب وفي المصدر المحفة. (6) تظلل خ ل. (7) اهبط خ ل. (8) والله إن خ ل، وهو الموجود في المصدر. (9) في المصدر: عن محفتى. ________________________________________