[ 19 ] ثم قال: فأرسلت خديجة إلى عمها عمرو بن أسد ليزوجها، فحضر، ودخل رسول الله صلى الله عليه وآله في عمومته فتزوجها وهو ابن خمس وعشرين سنة، وخديجة يومئذ بنت أربعين سنة. وقد روى قوم أنه زوجها أبوها في حال سكره (1). قال الواقدي: هذا غلط، والصحيح أن عمها زوجها، وأن أباها مات قبل الفجار. وذكر أن أبا طالب خطب يومئذ، وذكر ما مر، فلما أتم أبو طالب خطبته تكلم ورقة بن نوفل، فقال: " الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت، وفضلنا على ما عددت، فنحن سادة العرب وقادتها، وأنتم أهل ذلك كله، لا تنكر العشيرة فضلكم، ولا يرد أحد من الناس فخركم وشرفكم، وقد رغبنا بالاتصال بحبلكم وشرفكم، فاشهدوا علي معاشر قريش بأني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله على أربعمأة دينار، ثم سكت ورقة، وتكلم أبو طالب وقال: قد أحببت أن يشركك عمها، فقال عمها، اشهدوا علي يا معشر قريش إني قد أنكحت محمد بن عبد الله خديجة بنت خويلد، وشهد علي بذلك صناديد قريش، فأمرت خديجة جواريها أن يرقصن ويضربن بالدفوف، وقالت: يا محمد مر عمك أبا طالب ينحر بكرة من بكراتك، وأطعم الناس على الباب، وهلم فقل (2) مع ________________________________________ (1) ذكره الطبري في تاريخه 2، 36 عن الواقدي، وروى اليعقوبي في تاريخه 2: 14 و 15 ذلك عن عمار بن ياسر في عمه عمرو بن أسد، إلا أنه قال فلما أصبح عمها عمرو بن أسد أنكر ما رأى فقيل له: هذا، فقال: متى زوجته ؟ قيل له: بالامس، قال: ما فعلت، قيل له: بلى نشهد أنك قد فعلت، فلما رأى عمرو رسول الله قال: اشهدوا أنى لم أكن زوجته بالامس، فقد زوجته اليوم اه. قلت: فيهما غرابة وشذوذ، ولم يرد ذلك من طرق الامامية. بل ورد من طرق لا يعتمد عليها الامامية، وقد عرفت قبل ذلك في رواية الكليني أن خديجة لما رأت أن عمها تلجلج وقصر عن الجواب قالت: يا عم لست أولى من نفسي، قد زوجتك يا محمد نفسي، وان ثبت في حديث صحيح أن غيرها كان المزوج لها فلا ينافى ذلك بل يجمع بوقوع العقد منهما جميعا، كما يأتي نظير ذلك في عقد ورقة بن نوفل. (2) من قال يقيل قيلولة: نام في القائلة أي منتصف النهار. ________________________________________