[ 44 ] ولكن لابد أن أطلب منهم المهر (1)، ولا اصغر نفسي (2)، وسيكون لنا ولهم خطاب وجواب، وكان القول منها لحال أبيها لأنها لم تصدق بذلك، حتى نزل هاشم قريبا " من السوق واعتزل ناحية عنه، فأقبل أهل السوق إليه مسرعين ينظرون إلى نوره حتى ضاع كثير من متاعهم ومعاشهم من نظرهم إليه، وقد نصبت له خيمة من الحرير الاحمر، و وضعت له سرادقات (3)، فلما دخل هاشم وأصحابه الخيمة تفرق أهل السوق عنهم، و جعل يسأل بعضهم بعضا " عن أمر هاشم وقومه، وما أقدمهم عليه (4) من مكة، فقيل: إنه جاء خاطبا " لسلمى فحسدوها عليه، وكانت أجمل أهل زمانها وأكملهم حسنا " وجمالا "، وكانت جارية تامة معتدلة، لها منظر ومخبر (5)، كاملة الاوصاف، معتدلة الاطراف (6)، سريعة الجواب، حسنة الاداب، عاقلة طريفة عفيفة لبيبة، طاهرة من الادناس، فحسدوها كلهم على هاشم حتى حسدها إبليس لعنه الله وكان قد تصور لها في صورة شيخ كبير (7) وقال: يا سلمى أنا من أصحاب هاشم قد جئتك ناصحا " لك (8)، اعلمي أن لصاحبنا هذا من الحسن والجمال ما رأيت إلا أنه رجل ملول للنساء، لا تقيم المرأة عنده أكثر من شهرين إذا أراد، وإلا فعشرة أيام لا غير، وقد تزوج نساء كثيرة، ومع ذلك إنه جبان في الحروب، فقالت سلمى: إليك عني، ________________________________________ (1) زاد في المصدر: ما نستحقه. (2) في نسخة وفي المصدر: ولا اصغر حالى. (3) في المصدر: وكان القول منهم - مصحف منها - تجملا ومحالا لابيها، لانها لم تصدق بذلك حتى سمعت صحة الكلام، فلما نزل هاشم قريبا من السوق واعتزل بناحية منه أقبلوا أهل السوق و اصحابه كلهم مسرعين لينظرون إليه. قال أبو الحسن البكري: (وقد بلغني أنه ضاع كثير من معايشهم حتى اشتغلو بالنظر إلى هاشم، قال: وضرب له خيمة من الخز الاحمر، ونصبت له سرادقات). (4) في المصدر: وجعلوا يسألون بعضهم بعضا. وفيه: وما أقدمهم عليهم. (5) المخبر: العلم بالشئ أو إدراكه بالخبر أو الاختيار لا بالنظر، خلاف المنظر. (6) الاعطاف خ ل وفي المصدر: تامة، كاملة العقل، وكاملة الاوصاف وسريعة الجواب و فيه: ظريفة. (7) زاد في المصدر: ذى هيبة وحلية حسنة. (8) في المصدر: قد جئتك بخبره وهى نصيحة منى إليك، اعلمي. ________________________________________