[ 523 ] لما أن جاء من قبل العراق جاء معه العلماء وأبناء الانبياء، فلما انتهى إلى هذا الوادي لهذيل أتاه ناس من بعض القبائل فقالوا: إنك تأتي أهل بلدة قد لعبوا بالناس زمانا طويلا حتى اتخذوا بلادهم حرما، وبنيتهم ربا أوربة، فقال: إن كان كما تقولون قتلت مقاتليهم، وسبيت ذريتهم، وهدمت بنيتهم، قال: فسالت عيناه حتى وقعتا على خديه، قال: فدعا العلماء وأبناء الانبياء فقال: انظروني فأخبروني لما أصابني هذا ؟ قال: فأبوا أن يخبروه حتى عزم عليهم، قالوا: حدثنا بأي شئ حدثت نفسك ؟ قال: حدثت نفسي أن أقتل مقاتليهم، وأسبي ذريتهم، وأهدم بنيتهم، فقالوا: إنا لا نرى الذي أصابك إلا لذلك، قال: ولم هذا ؟ قالوا: لان البلد حرم الله، والبيت بيت الله، وسكانه ذرية إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام فقال: صدقتم، فما مخرجي مما وقعت فيه ؟ قالوا: تحدث نفسك بغير ذلك فعسى الله أن يرد عليك، قال: فحدث نفسه بخير فرجعت حدقتاه حتى ثبتتا مكانهما، قال: فدعا بالقوم الذين أشاروا عليه بهدمها فقتلهم، ثم أتى البيت وكساه، وأطعم الطعام ثلاثين يوما كل يوم مائة جزور حتى حملت الجفان إلى السباع في رؤوس الجبال، ونثرت الاعلاف في الاودية للوحش، ثم انصرف من مكة إلى المدينة، فأنزل بها قوما من أهل اليمن من غسان وهم الانصار. وفي رواية أخرى: كساه النطاع وطيبه. (1) إلى هنا انتهى ما أردت إيراده في المجلد الخامس من بحار الانوار في شهر الله المعظم المكرم شهر رمضان من شهور سنة سبع وسبعين وألف من الهجرة المقدسة، والحمد لله أولا وآخرا، وصلى الله على محمد سيد المرسلين، وأهل بيته الطاهرين المكرمين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين. ________________________________________ (1) فروع الكافي 1: 224. (*)