[ 48 ] وفي الخامسة والستين: أفصحتم في الخطبة وقصرتم في العمل، فلو أفصحتم في العمل وقصرتم في الخطبة لكان أرجى لكم، ولكنكم عمدتم إلى آياتي فاتخذتموها هزءا، وإلى مظالمي فاشتهرتم بها، وعلمتم أن لا هرب مني، وأمنتم فجائع الدنيا. (1) داود ! اتل على بني إسرائيل نبأ رجل دانت له أقطار الارض حتى استوى، (2) وسعى في الارض فسادا، وأخمد الحق وأظهر الباطل، وعمر الدنيا، وحصن (3) الحصون، و حبس الاموال، فبينما هو في غضارة (4) دنياه إذ أوحيت إلى زنبور يأكل لحمة خده، و يدخل وليلدغ الملك، فدخل الزنبور وبين يديه ستاره ووزراؤه وأعوانه فضرب خده فتورمت وتفجرت منه أعين دما وقيحا، فثير عليه بقطع من لحم (5) وجهه حتى كان كل من يجلس عنده شم منم نتنا عظيما، (6) حتى دفن جثة بلا رأس، فلو كان للآدميين عبرة تردعهم لردعتهم، ولكن اشتغلوا بلهو الدنيا ولعبهم، فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يأتيهم أمري ولا أضيع أجر المحسنين، سبحان خالق النور. (7) أقول: سيأتي سائر ما نقلنا من الزبور وسائر حكم داود عليه السلام في كتاب المواعظ إن شاء الله تعالى. ________________________________________ (1) في المصدر: وأسستم فجائع الدنيا. (2) أي حتى استولى وظهر عليها. (3) حصن المكان: جعله حصينا. (4) الغضارة: النعمة وطيب العيش. السعة والخصب. (5) في المصدر: ويقطع من لحم وجهه. (6) في المصدر: فكل من جلس عنده شم من دماغه نتنا عظيما. (7) سعد السعود: 47 - 51، وفي المصدر له ذيل فيه مواعظ لم يذكره المصنف. ________________________________________