[ 39 ] سوف أكتم عليك، ثم حملته فأدخلته المخدع (1) وأصلحت أمره، ثم خرجت إلى الحرس فقالت: انصرفوا - وكانوا على الباب - فإنه خرج دم منقطع، فانصرفوا فأرضعته، فلما خافت عليه الصوت أوحى الله إليها: اعملي التابوت ثم اجعليه فيه، ثم أخرجيه ليلا فاطرحيه في نيل مصر، فوضعته في التابوت ثم دفعته في اليم، فجعل يرجع إليها وجعلت تدفعه في الغمر (2) وإن الريح ضربته فانطلقت به، فلما رأته قد ذهب به الماء همت أن تصيح فربط الله على قلبها، قال: وكانت المرأة الصالحة امرأة فرعون من بني إسرائيل قالت لفرعون: إنها أيام الربيع فأخرجني و اضرب لي قبة على شط النيل حتى أتنزه هذه الايام، فضرب لها قبة على شط النيل إذ أقبل التابوت يريدها، فقالت: ما ترون ما أرى على الماء ؟ قالوا: إي والله يا سيدتنا إنا لنرى شيئا، فلما دنا منها قامت إلى الماء فتناولته بيدها، وكاد الماء يغمرها حتى تصايحوا عليها فجذبته فأخرجته من الماء فأخذته فوضعته في حجرها فإذا غلام أجمل الناس وأسرهم فوقعت عليه منها محبة فوضعته في حجرها، وقالت: هذا ابني، فقالوا: إي والله أي سيدتنا مالك ولد ولا للملك فاتخذي هذا ولدا. فقامت إلى فرعون فقالت: إني أصبت غلاما طيبا حلوا نتخذه ولدا فيكون قرة عين لي ولك فلا تقتله، قال: ومن أين هذا الغلام ؟ قالت: لا والله (3) ما أدري إلا أن الماء جاء به، فلم تزل به حتى رضي، فلما سمع الناس أن الملك قد تبنى ابنا لم يبق أحد من رؤوس من كان مع فرعون إلا بعث إليه امرأته لتكون له ظئرا أو تحضنه، (4) فأبى أن يأخذ من امرأة منهن ثديا، قالت امرأة فرعون: اطلبوا لابني ظئرا ولا تحقروا أحدا، فجعل لا يقبل من امرأة منهن، فقالت ام موسى لاخته: قصيه، انظري أترين له أثرا، فانطلقت حتى أتت باب الملك، فقالت: قد بلغني أنكم تطلبون ظئرا وههنا امرأة صالحة تأخذ ولدكم وتكفله لكم، فقالت: أدخلوها، فلما دخلت قالت لها امرأة فرعون: ممن أنت ؟ قالت: من بني إسرائيل، قالت: اذهبي يا بنية فليس لنا فيك حاجة، فقال لها النساء: ________________________________________ (1) المخدع: البيت الصغير الذى يكون داخل البيت الكبير. (2) الغمر: معظم الماء. (3) في المصدر: والله ما ادرى. م (4) أي أو تربيه. ________________________________________