[ 34 ] " هذا من عمل الشيطان " أي عمل هذا المقتول من عمل الشيطان، والمراد منه بيان كونه مخالفا لله تعالى مستحقا للقتل. وثالثها: أن يكون قوله: " هذا " إشارة إلى المقتول، يعني أنه من جند الشيطان وحزبه، يقال: فلان من عمل السلطان أي من أحزابه. وأما قوله: " رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي " فعلى نهج قول آدم عليه السلام: " ربنا ظلمنا أنفسنا " والمراد أحد وجهين: إما على سبيل الانقطاع إلى الله تعالى والاعتراف بالتقصير عن القيام بحقوقه وإن لم يكن هناك ذنب قط، أو من حيث حرم نفسه الثواب بترك المندوب. وأما قوله: " فاغفر لي " أي فاغفر لي ترك هذا المندوب، وفيه وجه آخر: وهو أن يكون المراد: " رب إني ظلمت نفسي " حيث قتلت هذا الملعون، فإن فرعون لو عرف ذلك لقتلني به " فاغفر لي " فاستره علي ولا توصل خبره إلى فرعون " فغفر له " أي ستره عن الوصول إلى فرعون، ويؤيده أنه قال عقيبه: " رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين " ولو كانت إعانة المؤمن ههنا سببا للمعصية لما قال ذلك. وأما قوله: " فعلتها إذا وأنا من الضالين " فلم يقل: إني صرت بذلك ضالا، ولكن فرعون لما ادعى أنه كان كافرا في حال القتل نفى عن نفسه كونه كافرا في ذلك الوقت، واعترف بأنه كان ضالا، أي متحيرا لا يدري ما يجب عليه أن يفعله، (1) وما يدين به في ذلك، انتهى. (2) وقال السيد المرتضى قدس الله روحه: مما يجاب به عن هذا السؤال أن موسى عليه السلام لم يتعمد القتل ولا أراد، وإنما اجتاز فاستغاثه رجل من شيعته على رجل من عدوه بغى عليه وظلمه وقصد إلى قتله فأراد موسى أن يخلصه من يعده ويدفع عنه مكروهه، ________________________________________ (1) هو مخالف لما يذهب إليه الامامية من أن الانبياء عليهم السلام لم يكونوا في وقت من الاوقات ضالين. والصواب ما تقدم عن الرضا عليه السلام، ويأتى بعد ذلك جواب عن السيد المرتضى قدس سره. (2) مفاتيح الغيب 6: 466 - 467. م ________________________________________