[ 29 ] موسى عليه السلام معها فمشت أمامه فسفقتها الرياح فبان عجزها، فقال لها موسى: تأخري و دليني على الطريق بحصات تلقيها أمامي أتبعها، فأنا من قوم لا ينظرون في أدبار النساء، فلما دخل على شعيب قص عليه قصته فقال له شعيب: " لا تخف نجوت من القوم الظالمين " قالت إحدى بنات شعيب: " يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الامين " فقال لها شعيب: أما قوته فقد عرفته بسقي الدلو وحده، فبم عرفت أمانته ؟ فقالت: إنه قال لي: (1) تأخري عني ودليني على الطريق فأنا من قوم لا ينظرون في أدبار النساء عرفت أنه ليس من القوم الذين ينظرون في أعجاز النساء، فهذه أمانته، فقال له شعيب " إني اريد أن انكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما اريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين " فقال له موسى: " ذلك بيني وبينك أيما الاجلين قضيت فلا عدوان علي " أي لا سبيل علي إن عملت عشر سنين أو ثماني سنين، فقال موسى: " الله على ما نقول وكيل ". قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: أي الاجلين قضى ؟ قال: أتمهما عشر حجج، قلت له: فدخل بها قبل أن يمضي الاجل أو بعد ؟ (2) قال: قبل، قلت: فالرحل يتزوج المرأة ويشترط لابيها إجارة شهرين (3) يجوز ذلك ؟ قال: إن موسى عليه السلام علم أنه يتم له شرطه، فكيف لهذا أن يعلم أنه يبقى حتى يفي ؟ ! قلت له: جعلت فداك أيتهما زوجه شعيب من بناته ؟ قال: التي ذهبت إليه فدعته وقالت لابيها: " يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الامين ". فلما قضى موسى الاجل قال لشعيب: لابد لي أن أرجع إلى وطني وامي وأهل بيتي، فمالي عندك ؟ فقال شعيب: ما وضعت أغنامي في هذه السنة من غنم بلق فهو لك، فعمد موسى عندما أراد أن يرسل الفحل على الغنم إلى عصاه فقشر منه بعضه وترك بعضه وعزره (4) في وسط مربض الغنم وألقى عليه كساء أبلق، ثم أرسل الفحل على الغنم فلم ________________________________________ (1) في نسخة: انه لما قال لى. (2) في نسخة: قبل أن يقضى الاجل أو بعد. (3) في نسخة: اجارة شهرين مثلا. (4) الصحيح كما في المصدر: " غرزه " أي اثبته من غرز عودا بالارض أي أدخله وأثبته. ________________________________________