[136] نسايم الاسحار. إلى ذات مقدسة، ونفس على التقوى مؤسسة، وإخبات ووقار، وعفاف يرجع من التقى بأوقار، به أحيا الله الفضل بعد اندراسه، ورد غريبه إلى مسقط راسه، فجمع شمله بعد الشتات، ووصل حبله بعد البتات. شفع شرف العلم بظرف الادب، وبادر إلى حوز الكمال وانتدب، فملك للبيان عنانا، وهصر من فنونه أفنانا، فنظمه منظوم العقود، ونثره منثور الروض المعهود، ومما يسطر من مناقبه الفاخرة، الشاهدة بفضله في الدنيا والآخرة، أنه ره كان قد أصابته في صغره عين، ذهبت من حواسه الشريفة بعين، فرأى والده النبي صلى الله عليه واله في منامه فقال له: إن اخذ بصره فقد اعطى بصيرته. ولقد صدق وبر صلى الله عليه وآله فانه نشأ بالبحرين فكان لهما ثالثا، وأصبح للفضل والعلم حارثا ووارثا، وولي بها القضاء، فشرف الحكم والامضاء، ثم انتقل منها إلى شيراز، فطالت به على العراق والحجاز، وتقلد بها الامامة والخطابة، ونشر حبر فضائله المستطابة، فتاهت به المنابر، وباهت به الاكابر، وفاهت بفضله ألسن الاقلام وأفواه المحابر. ولم يزل بها حتى أتاه اليقين، وانتقل إلى جنة عرضها السموات والارض اعدت للمتقين، فتوفي سنة ثمان وعشرين وألف - ره - وهذا محل نبذة من شعره، ونفثة من بيان سحره، ولا أراني أثبت منه غير اللؤلؤ البحراني. أخبرني بعض الاصحاب أنه كان أنشا في يوم جمعة خطبة أبدعها، وأودعها من نفايس البراعة ما أودعها، فلما ارتقى ذروة المنبر، انسي ما كان أنشا وحبر، فاستأنف لوقته خطبة اخرى، وختمها بهذه الابيات: التي كست فنون القريض فخرا (1). ________________________________________ (1) راجع سلافة العصر ص 493. ________________________________________