[39] وكذلك المرء المسلم البرئ من الخيانة ينتظر من الله إحدى الحسنيين إما داعي الله فما عند الله خير له، وإما رزق الله فإذا هو ذو أهل ومال ومعه دينه وحسبه، وإن المال والبنين حرث الدنيا والعمل الصالح حرث الاخرة، وقد يجمعها الله لاقوام. فاحذروا من الله ما حذركم من نفسه، واخشوه خشية ليست بتعذير، واعلموا في غير رياء ولا سمعة، فانه من يعمل لغير الله يكله الله إلى من عمل له، نسأل الله منازل الشهداء ومعايشة السعداء ومرافقة الانبياء الخطبة (1). قال السيد رضى الله عنه: الغفيرة ههنا الزيادة والكثرة من قولهم للجمع الكثير الجم الغفير، ويروى عفوة من أهل أو مال، والعفوة الخيار من الشئ يقال أكلت عفوة الطعام أي خياره (2). 88 - وقال عليه السلام في وصيته للحسن: وأعلم يقينا أنك لن تبلغ أملك، ولن تعدو أجلك وأنك في سبيل من كان قبلك فخفض في الطلب، وأجمل في المكتسب فانه رب طلب قد جر إلى حرب، فليس كل طالب بمرزوق، ولا كل مجمل بمحروم. وأكرم نفسك عن كل دنية وإن ساقتك إلى الرغائب، فانك لن تعتاض بما تبذل من نفسك عوضا، ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا، وما خير خير لا يوجد إلا بشر ويسر لا ينال إلا بعسر، وإياك أن توجف بك مطايا الطمع فتوردك مناهل الهلكة. وإن استطعت أن لا يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل، فانك مدرك قسمك وآخذ سهمك، وإن اليسير من الله سبحانه أكرم وأعظم من الكثير من خلقه، وإن كان كل منه. وتلافيك ما فرط من صمتك أيسر من إدراكك ما فات من منطقك، وحفظ ________________________________________ (1) نفس المصدر ج 1 ص 56. (2) نفس المصدر ج 1 ص 58. ________________________________________